لا يقال : ليس شرط صحّة التكليف إلاّ استناد الفعل إلى الاختيار على وجه يقال : إنّ الفعل اختياريّ.
لأنّا نقول : إنّ الوجه في الشرط المذكور هو العقل ، ولا ريب أنّ المعتبر عند العقل في الشرط المذكور هو كون الفعل بحيث يمكن صدوره من المكلّف. وأمّا صحّة إطلاق الاختياري على الفعل بواسطة الاختيار السابق فممّا لا مسرح له في صحّة التكليف ، ولعمري! أنّ ذلك إنّما هو في منار ، ولقد أبسطنا القول في تحقيق ذلك في بعض المباحث المتقدّمة.
وقد يورد عليه : بمنع المقتضي ، فإنّ الخروج أخصّ من الغصب في مورد الأمر ، فلا بدّ من تخصيص الغصب بالخروج.
وفيه ما أشار إليه قدسسره بقوله : من أنّ الخروج ليس بمأمور به من حيث إنّه خروج بل لأنّه تخلّص عن الغصب. كما أنّ الكون في الدار المغصوبة ليس حراما إلاّ من جهة أنّه غصب ، والنسبة بين الغصب والخروج عموم من وجه. والظاهر أنّ ذلك الأمر قد استفيد من جهة كونه من مقدّمات ترك الغصب الواجب ، ومقدّمة الترك أعمّ من الخروج وإن انحصر أفراده في الخروج بحسب العادة ، فإنّ الظاهر أنّ العامّ الذي أفراده الموجودة منحصرة في فرد بحسب العادة ـ بل في نفس الأمر أيضا ـ لا يخرج عن كونه عامّا في باب التعارض ، فلو فرض ورود أمر بالخروج أيضا بالخصوص فالظاهر أنّه من جهة أنّه الفرد الغالب الموجود ، لإمكان التخلّص بوجه آخر ، إمّا بأن يحمله غيره على ظهره ويخرجه من دون اختياره أو غير ذلك (١) ، فليضبط فإنّه فائدة جليلة لم أقف على تصريح بها في كلامهم (٢).
__________________
(١) في ( ع ) زيادة : كأن ينقل إليه بناقل شرعي كالهبة والصلح والبيع.
(٢) القوانين ١ : ١٥٤.