وربما يؤيّد ذلك بما أفاده الفخر في الإيضاح (١) ، حيث استدلّ على صحة نكاح الكفّار حال كفرهم ، بقوله تعالى : ( وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ )(٢) وقوله : ( وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ )(٣) فإنّ التعبير عنهما على وجه الإضافة كاشف عن تحقّق نسبة الزوجيّة الواقعيّة بينهما وبين بعليهما. ولكنّه بعيد جدّا ؛ لإمكان كون الإضافة على وجه المناسبة ، وذلك ظاهر (٤).
وكيف كان ، فهذا الوجه أيضا أضعف من سابقيه (٥) ؛ إذ بعد ما هو المفروض : من أنّ الطرق الظاهريّة من قبيل المرايا للواقع ولا يعقل فيها اعتبار الموضوعيّة ، لا معنى للقول بأنّه يكفي في ترتيب الآثار وجود الفعل عند العامل صحيحا حين صدور العمل ، فلا يجوز لمن يرى خلافه بمرآة معتبرة عنده ترتيب الآثار المرتّبة عليه ، سواء في ذلك العامل وغيره ، فإنّ العلقة الواقعيّة والرابطة الحقيقيّة بين المرء وزوجه لا تتحقّق في الواقع إلاّ فيما لم يتحقّق بينهما الرضاع المحرّم ، ولا مدخل لاعتقاد الزوج والزوجة في ذلك ، فإنّ تأثير العلم في الواقعيّات التي يتعلّق بها غير معقول ؛ لكونه دورا ظاهرا ، غاية الأمر رفع العقاب عن الجاهل بعد عدم التقصير ؛ لعدم تحقّق مقتضيه ، وهي المخالفة التي لا واقع لها إلاّ بعد العلم.
فالاجتهاد والتقليد وغيرهما طرق إلى الواقع ، ولا يترتّب على الطريق شيء بعد كشف فساده على وجه منزّل منزلة العلم ، وهي الأمارة الثانية ـ كما هو المفروض ـ مضافا إلى أنّ ذلك يقتضي القول بالإجزاء على تقدير كشف الفساد على
__________________
(١) إيضاح الفوائد ٣ : ١٠٢.
(٢) القصص : ٩.
(٣) المسد : ٤.
(٤) لم يرد « وذلك ظاهر » في « م » و « ع ».
(٥) في « ع » و « م » : « سابقه ».