بها ، ليكون من تعدية أتى إلى المأتي به بنفسه. وأمّا قوله تعالى : ( وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسالى ) فليس أيضاً من هذا القبيل ، أعني من قبيل تعدية الاتيان إلى المأتي به ، بل إنّه من قبيل تعديته إلى المأتي إليه ، فإنّ الصلاة في الآية مأتي إليها ، والمراد أنّهم لا يأتون إلى الصلاة.
ومنه يظهر الحال في قوله تعالى : ( وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ )(١) وقوله تعالى : ( وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً )(٢) فإنّ المراد في جميع ذلك هو المأتي إليه ، تنزيلاً للفاحشة وللبأس منزلة الشيء الموجود الذي يؤتى إليه ، وإن كان هو في الحقيقة من المأتي به ، كما تضمّنته الآية الأُخرى وهو قوله تعالى : ( يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ )(٣) الخ ، ومنه يظهر لك التأمّل فيما أفاده الأصفهاني في حاشيته على الكفاية ص ٢٩٨ (٤).
لا يقال : إنّ الفعل المأتي به وهو مثل الصلاة لو صحّ تعدية الاتيان إليه على معنى كونه مأتياً إليه ، فلِمَ لا تقولون بذلك في قوله صلىاللهعليهوآله : « فاتوا منه ما استطعتم » على الموصولية ، على معنى فاتوا منه إلى ما استطعتم.
لأنّا نقول : إنّ إرادة الاتيان إليه لا يناسب مورد الحديث ، لكن يناسب مورد الآية الشريفة ، لأنّ المنظور إليه في الآية الشريفة هو حضورهم صلاة الجماعة ، فكأنّها شيء موجود وهم لا يأتون إليه إلاّوهم كسالى ، لأنّ الغالب في الآية الشريفة هو النظر إلى هذه الجهة ، سيّما بمناسبة كونهم كسالى ، فإنّه يناسب فرض
__________________
(١) النساء ٤ : ١٥.
(٢) الأحزاب ٣٣ : ١٨.
(٣) النساء ٤ : ١٩.
(٤) نهاية الدراية ٤ : ٣٨٦.