لكن الظاهر ممّا حرّره الشيخ قدسسره (١) ونقله من كلماته وكلمات صاحب القوانين هو أنّ نظرهم إلى ما حرّره الشيخ قدسسره ونقله شيخنا قدسسره من دعوى مدخلية العلم التفصيلي في التنجيز ، وأنّ المعلوم بالاجمال غير صالح للبعث والتنجّز ، فراجع وتأمّل.
قوله : ربما يتوهّم أنّ وجوب الاتيان بالمحتمل الآخر عند الاتيان بأحد المحتملين ممّا يقتضيه استصحاب بقاء التكليف ... الخ (٢).
الظاهر أنّ ما هو محلّ الكلام مقرون بتنجّز المعلوم بالاجمال ، بأن كان قد علم بوجوب إحدى الصلاتين قبل الاتيان بإحداهما ، أمّا لو كان قد أتى بإحداهما باعتقاد أنّها هي الواجبة ثمّ بعد فراغه منها حصل له العلم الاجمالي المذكور ، فالظاهر سقوط أصالة الاشتغال في مثل ذلك ، وانحصار المرجعية بالاستصحاب ، وهل الجاري هو استصحاب انشغال ذمّته أو أنّ الجاري هو استصحاب الكلّي أو الفرد المردّد. والحاصل : أنّ المنظور إليه هو الصورة الأُولى وهي صورة منجّزية العلم الاجمالي ، دون الثانية ، وحين إذ اتّضح ما هو محلّ الكلام فنقول بعونه تعالى :
إنّه بناءً على كون العلم الاجمالي علّة تامّة في وجوب الموافقة القطعية كما هو كذلك بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعية ، لا يكون النزاع في الرجوع إلى استصحاب الاشتغال بمعنى استصحاب شغل الذمّة القاضي بلزوم الاتيان بالثانية من باب الاحتمال والاشتغال بعد الاتيان بالأُولى إلاّعلمياً صرفاً ، إذ لا إشكال حينئذ في لزوم الاتيان بالثانية ، ولكن هل الموجب لذلك هو مجرّد قاعدة
__________________
(١) فرائد الأُصول ٢ : ٢٨٤ ـ ٢٨٦ ، ٢٧٩ ـ ٢٨٠.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ١٢٥.