المعقود عليها منهما ، فإنّ زيداً مثلاً يعلم بكون إحداهما ذات زوج ، وبمقتضى عدم قدرته على الجمع بينهما شرعاً ينبغي أن يقال إنّه يجوز لزيد أن يتزوّج إحداهما.
وفيه : ما لا يخفى ، فإنّه وإن لم يكن قادراً على الجمع بينهما من جهة حرمة الجمع بين الأُختين ، إلاّ أنه قادر على المخالفة القطعية لذلك العلم الاجمالي بأن يتزوّج إحداهما ثمّ يطلّقها ويتزوّج الأُخرى.
والأولى أن يمثّل لذلك بالاناءين المملوكين لزيد ، وقد أذن لعمرو في شرب واحد منهما وترك الآخر ، فصار جواز شرب كلّ منهما مقيّداً بترك الآخر ، وحرمة شرب كلّ منهما مقيّدة بشرب الآخر ، وحينئذ فلو علم عمرو بوقوع نجاسة في أحدهما كان من موارد عدم القدرة شرعاً على ارتكابهما ، لكنّها لا تؤثّر في حكم العقل بالمنع من شربهما معاً ، لكونه مخالفة قطعية لكلّ من التكليفين المفروض كونها مقدورة عقلاً ، وحينئذ تكون الموافقة القطعية لازمة على كلّ من القول بكون العلّة هي العلم الاجمالي والقول بأنّ العلّة هي التعارض.
قوله : وأمّا الوجه الثاني ، وهو دعوى استلزام الموافقة القطعية فيها للعسر والحرج غالباً ... الخ (١).
لا يخفى أنّه لو كان المراد هو سقوط الموافقة القطعية في الشبهات غير المحصورة التي لا يكون الاجتناب عن أطرافها حرجياً لأجل كون ذلك هوالغالب في الشبهات غير المحصورة ، فهو كما أُفيد من أنّ ذلك لا يكون إلاّمن قبيل حكمة التشريع الذي لا يصدر الحكم على طبقه إلاّمن الشارع ، وأمّا لو كان المراد هو إسقاط الموافقة القطعية في خصوص الشبهات غير المحصورة التي تكون
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ١٢٠.