وجود الصلاة وهم يأتونها كسالى ، بخلاف مورد الحديث فإنّ مورده هو الاستطاعة والقدرة ، فهو إنّما يناسب الاتيان بالمستطاع ، لا الاتيان إلى المستطاع ، فإنّه ارتكاب تجوّز بلا جهة تدعو إليه ، هذا.
مضافاً إلى أنّ ما استطعتم لو كان مأتياً إليه ، لكانت صلته هي ما استطعتم الاتيان إليه ، أو ما استطعتم إتيانه ، لا ما استطعتموه كما هو ظاهر الحديث ، فإنّ العائد فيه إلى الموصول هو ضمير مفعول لاستطعتم ، والتقدير ما استطعتموه ، ولو كان الموصول هو المأتي إليه لكان الحاصل فاتوا إلى الذي استطعتم الاتيان إليه من ذلك الشيء.
واعلم أنّ صاحب الكفاية استظهر كون « من » تبعيضية ، لا بيانية ولا بمعنى الباء ، غير أنّه تردّد في كون التبعيض بحسب الأجزاء أو كونه بحسب الأفراد ، وجزم بأنّها في الحديث للثاني ، لكون مورده هو الأجزاء ، فقال : ودلالة الأوّل ( وهو حديث ما استطعتم ) مبنية على كون « من » تبعيضية لا بيانية ولا بمعنى الباء وظهورها في التبعيض وإن كان ممّا لا يكاد يخفى ، إلاّ أن كونه بحسب الأجزاء غير واضح ، لاحتمال أن يكون بلحاظ الأفراد. ولو سلّم فلا محيص عن أنّه هاهنا بهذا اللحاظ يراد ، حيث ورد جواباً عن السؤال عن تكرار الحجّ بعد أمره به ، فقد روي الخ (١). وبنحو ذلك صرّح في تحرير السيّد سلّمه الله عن شيخنا قدسسره (٢) ، لكنّه في هذا التحرير (٣) بنى على أنّ التبعيض إنّما يلائم إرادة الأجزاء ، وأنّ حملها على البيانية أو بمعنى الباء وإن كان بعيداً ، إلاّ أن مورد الحديث يعيّنه بعد فرض أنّه لا
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٣٧٠.
(٢) أجود التقريرات ٣ : ٥٣٦.
(٣) فوائد الأُصول ٤ : ٢٥٥.