وجعله يأتي إليه ، وآتى فلاناً شيئاً إيتاء : أعطاه إيّاه ، ومنه قوله تعالى : ( وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ )(١) أراد ـ والله أعلم ـ أُوتيت من كلّ شيء شيئاً ، وقوله تعالى : ( وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ )(٢). وفي الصحاح : آتاه أتى به ، ومنه قوله تعالى : ( آتِنا غَداءَنا )(٣) أي ائتنا به (٤).
وقال في التاج ـ قبيل هذه العبارة ـ : وقوله تعالى : ( وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسالى ) أي لا يتعاطون ، انتهى.
قلت : قولهما : وآتى إليه الشيء ـ بالمدّ ـ إيتاء : ساقه وجعله يأتي إليه ، تصريح بما ذكرناه من أنّ معنى آتاه الله الخير ، صيّره وجعله يأتي إليه ، غير أنّهما عدّيا آتى إلى المأتي إليه بإلى ، لكن الغالب هو تعديته بنفسه ، فكان الأنسب على الأغلب أن يقولا : وآتاه الشيء ، بدل قولهما : وآتى إليه الشيء ، وهذا المعنى هو بعينه المراد في قولهم : آتى فلاناً شيئاً إيتاء ، فإنّ المراد ما عرفت من أنّه جعل الشيء آتيا إلى فلان ، وليس المراد هو ما تخيّلاه من أنّه أعطاه إيّاه. وهكذا الحال في قوله تعالى : ( وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) وكذلك الحال في قوله تعالى : ( وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ ) فإنّ مفعوله الآخر مقدّر ، والمراد والله العالم : يؤتون الفقير الزكاة ، أي يجعلونها واصلة إليه ، وليس المراد به يعطون ، وإن كان لازمه ذلك.
وعلى كلّ حال ، فليس المراد في قوله تعالى : ( يُؤْتُونَ الزَّكاةَ ) أنّهم يؤتون
__________________
(١) النمل ٢٧ : ٢٣.
(٢) المائدة ٥ : ٥٥.
(٣) الكهف ١٨ : ٦٢.
(٤) القاموس المحيط ٤ : ٢٩٧ ( لم يَرِد فيه تمام المقطع المذكور ). تاج العروس ١٠ : ٨ مادّة ( أتَى ). الصحاح ٦ : ٢٢٦٢ ( أتا ).