معنى الباء إن ثبت ذلك أو على التبعيض. ولو حملناها على معنى الباء تعيّن كون المراد بالشيء هو الكلّي لا الكل ، ولو حملناها على التبعيض فهو وإن كان في بادئ النظر يلتئم مع الكل والكلّي ، إلاّ أنه بعد التأمّل لا يلائم الكل ، لأنّ المعنى حينئذ : إذا أمرتكم بكلّ ذي أجزاء فاتوا ببعض تلك الأجزاء مدّة استطاعتكم ، ومن الواضح أنّ التقييد بالاستطاعة إنّما يكون بالنسبة [ إلى ] تمام الكلّ لا بالنسبة إلى بعضه ، وحينئذ يكون المتعيّن حملها على التبعيض من حيث أفراد الكلّي ، ويكون ذلك هو ما يقتضيه لفظ الحديث مع قطع النظر عن مورده.
ويبقى الكلام في دلالته على التكرار. ويمكن دعوى كونه أجنبياً عنه أيضاً ، بما احتملناه من كون عدم الاستطاعة في صدر الحديث كناية عن عدم موافقة نفوسهم للزيادة على ما يقتضيه أصل التكليف من المرّة ، بمعنى أنّ نفوسهم لا تطيق الصبر على ذلك ، فينجرّ ذلك إلى كفرهم وعنادهم ، نظير قوله تعالى : ( إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ ) وحينئذ يكون قوله صلىاللهعليهوآله : فاتوا به أو منه ما استطعتم ، كناية عن الاكتفاء بالمرّة ، التي لا يكون لها أهميّة على وجه تكون نفوسكم لا تطيق الصبر عليها ، ويشهد بذلك مقابله وهو « إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ».
لا يقال : إنّ « أتى » تتعدّى إلى المأتي به بنفسها ، ولأجل ذلك لو زيدت عليه الهمزة تعدّى إلى مفعولين ، مثل : آتاك الله الخير ، فإنّ أصله أتيت الخير ، بمعنى أتيت بالخير ، ثمّ زيدت عليه الهمزة فصيّرت الفاعل وهو المخاطب مفعولاً أوّلاً ، وبقي المفعول وهو المأتي به ـ أعني الخير ـ مفعولاً ثانياً.