هي باقية على معناها الذي هو البيانية للموصول.
لكن هذا كلّه مبني على أنّ المراد من الاستطاعة الاستطاعة الراجعة إلى القدرة ، أو الراجعة إلى ما يقابل العسر والحرج ، وقد عرفت فيما تقدّم عدم ملائمته لصدر الحديث ، وحينئذ لابدّ أن يكون المراد بهذه الاستطاعة هي تلك الاستطاعة المذكورة في صدر الحديث الشريف ، وهي المقابلة لمشقّة التكليف ، يعني إذا أمرتكم بشيء فلا تتكلّفوا المشقّة الزائدة على أصل ما يقتضيه التكليف من الاتيان بصرف الطبيعة ، فإنّ التكليف بالطبيعة وإن كان فيه مشقّة الاتيان بها في أوّل دفعة ، إلاّ أن الاتيان بها ثانياً مشقّة أُخرى ، فيقول صلىاللهعليهوآله : إنّه اذا أمرتكم بشيء فافعلوا ذلك المقدار الذي لا يشتمل على المشقّة الزائدة على المشقّة في أصل التكليف.
وإن شئت قلت : إنّ المراد هو أنّه إذا أمرتكم بشيء فلا تشقّوا على أنفسكم بالتكرار ، بل افعلوا المقدار الذي يحصل به صرف الطبيعة ، وهو ذلك المقدار المستطاع لكم ، يعني الذي لا مشقّة فيه زائدة على أصل مشقّة التكليف بصرف الطبيعة ، فإنّ الأمر بصرف الطبيعة فيه مشقّة الإتيان بها ، وهذه المشقّة لازمة لكلّ أمر ، إلاّ أنكم اقتصروا عليها ولا تتكلّفوا مشقّة أُخرى أي مشقّة التكرار ، فسمّى الفعل الأوّل المأتي به مستطاعاً يعني لا مشقّة فيه ، ويكون تطبيق الاستطاعة عليه بمعنى عدم المشقّة ، من جهة عدم تكلّف المشقّة الأُخرى ، [ و ] الحاصل أنّ هذه الجهة عرفية لسانية يعرفها صاحب الذوق واللسان ، وإن كنت في مقام البيان عاجزاً عن أدائها.
وليس الحديث الشريف حاكماً بالتكرار كي يتكلّف في جوابه بالحمل على الاستحباب الذي لا يقولون به ، إلاّ إذا ورد به دليل يعتدّ به لأنّه من قبيل