الناشئة من جهة العنوان المنهيّ عنه على تقدير استكشافها من النهي ، فلأنّه لو لا غلبة هاتيك على تلك ـ بل تكونان متساويتين ـ فلا معنى لترجيح جهة العبادية المقتضية للأمر وثبوت مقتضاها لها دون العكس.
ثمّ إنّه لا يخفى أنّه بعد إحراز منقصة في ذلك الفرد يكون ذلك أدنى مرتبة وأقلّ ثوابا من سائر أفراد المأمور به ، لاشتمالها على المصلحة المحضة واشتمال ذلك على المصلحة المقرونة بمنقصة ذاتية وان كانت تلك المصلحة غالبة عليها ، إلاّ أنّ الغلبة توجب ضعف جهة النهي بحيث لا يقتضي معها ما كان يقتضي بدونها من النهي ، لكنّها لا توجب تساوي مواردها [ مع ] سائر (١) الأفراد.
نعم لا بدّ أن تكون المصلحة الموجودة فيه بمقدار المصلحة الثابتة لأصل الطبيعة المأمور بها الداعية إلى الأمر بها ويكون المقدار الزائد القائم بسائر الأفراد من المصلحة زائدا على تلك المصلحة ، وإلاّ لا ينطبق ذلك الفرد على المأمور به ، فلا يقع امتثالا عنه ، لعدم كونه محصّلا للغرض المقصود منه ، فافهم.
هذا تمام الكلام في القسم الثالث.
وأمّا القسم الأوّل من تلك الأقسام : فلا بدّ من حمل النهي فيه على الإرشادي ، بتقريب أنّ للطبيعة لا مأمور بها كالصلاة ـ مثلا ـ مقدارا من المصلحة أوجبت توجّه الأمر إليها وتعلّق الطلب بها ، لكنّها قد يعتريها في بعض أفرادها عنوان آخر غير محبوب للشارع في نفسه ، ويتّحد معه في ذلك الفرد ، فيحدث فيها في ضمن ذلك الفرد منقصة بالإضافة إلى سائر الأفراد ، لكن لا يرتفع عنها ذلك المقدار من المصلحة ، فيكون الطلب المتعلق بها باعتبار ذلك الفرد لأجل ذلك أضعف من الطلب المتعلّق بها باعتبار سائر الأفراد ، وقد تكون مجرّدة عن ذلك العنوان ، لكنّها غير مقرونة بشيء من المزايا القائمة ببعض
__________________
(١) في الأصل : لسائر.