قد قامت حجة عليه من أصل أو دليل لو لا ذلك الظن الّذي ادى إلى خلافها إذا لم يكن ارتكابه استنادا إلى ذلك الظن إذ معه يكون استنادا إلى رخصة الشارع فيقبح العقاب عليه بخلاف ما إذا لم يستند إليه فانه قد فعل الحرام من غير استناد إلى اذن الشارع.
وإن شئت قلت انه إذا لم يستند فيه إلى ذلك الظن فيكون متجريا ، وقد مر في مسألة التجري انه إذا صادف الحرام الواقعي يستحق عليه العقاب وانما الكلام هناك في استحقاق العقاب عليه في صورة مخالفته (١) للواقع فيكون حاصل الوجه المذكور انه قد قصد بإيجاب التدين الإرشاد إلى طريق التخلص من هذا المحذور والأمن منه.
وثالثها : أن يكون المراد به وجوب تنزيل الظن المفروض منزلة العلم في جميع آثاره حتى الآثار العقلية من الإطاعة والعصيان في مرحلة الظاهر ولازمه الحكم بفسق من ترك العمل على طبق ذلك الظن إذا تضمن تكليفا وترتيب آثار الفسق عليه في الظاهر إلى أن يكشف عدم التكليف واقعا كما هو الحال في جميع الظنون المعتبرة فانه لو أدى ظن مجتهد إلى وجوب شيء فتركه أو إلى حرمته فارتكبه يجب على الغير الحكم بفسقه وترتيب آثاره عليه إلى أن يكشف خطأ ظنه ، وكذا الحال فيمن قلدوه.
وثالثها (٢) : لا إشكال في وجوب الإعادة وعدم الاجزاء ـ إذا انكشف خطاء الظن المعتبر مع بقاء زمان من الوقت المضروب للواجب يسع للإتيان به ـ لبقاء الأمر الأول الواقعي المقتضي للإتيان بمتعلقه على ما هو عليه ، وعدم جريان ما يأتي من توهم تدارك الواجب في هذا الموضع لأنّ التدارك إنما يجب
__________________
(١) أي الظنّ.
(٢) أي الأمر الثالث من التنبيهات.