في بيان الوجو لاستلزام اجتماع الضدين
ويمكن دفعه : بأنّ الإرادة والكراهة إنّما هما منشئان للأمر والنهي ، لا نفسهما ، فإنّهما عبارتان عن الصفتين القائمتين في نفس الآمر والناهي الباعثتين له على الأمر والنهي.
وثانيها : أنّ الطبائع من حيث هي ليست إلاّ هي فلا يعقل طلبها من المكلّف.
وثالثها : أنّ الأحكام الشرعيّة إنّما تتعلّق بالمقدور للمكلّف ، ومن المعلوم أنّه ليس المقدور له إلاّ إيجاد تلك الطبائع ، لا ذواتها من حيث هي (١).
ورابعها : أنّ من المسلّم تعلّق الأحكام بفعل المكلّف ، ومن المعلوم أنّ ذوات تلك الطبائع ليست من فعله في شيء ، فإنّها إنّما هي الأمور الحاصلة من المصدر الدالّ عليها اسمه ، فإنّ الصلاة ـ مثلا ـ إنّما هي عبارة عن الحاصل من المصدر الّذي هو المعنى الحدثي الّذي هو فعل المكلّف ، وظاهر الخطابات وإن كان تعلّق الخطاب بنفس تلك الطبائع ، إلاّ أنّه ـ بعد قيام الدليل على امتناع ذلك ـ لا بدّ من صرفها إلى ما ذكر ، وليس فعل المكلّف ـ الّذي هو مدلول المصدر ـ إلاّ إيجاد تلك الطبائع ، فثبت أنّ المطلوب بالأمر إنّما هو تلك الطبائع باعتبار الوجود ، أعني حقيقة الوجود ـ التي هي عبارة عن الوجود الخارجي الّذي هو عين أفراد تلك الطبائع ـ لا مفهومه ، فإنّه
__________________
(١) ويمكن المناقشة فيه : بأنّها مقدورة بواسطة القدرة على إيجادها ، فيصحّ تعلّق الإرادة بها نفسها لذلك من غير حاجة إلى اعتبار الوجود ، فافهم. لمحرّره عفا الله عنه.