خالدا ، وهكذا ، فيكون المفهوم فيه إثباته لكلّ واحد واحد منها عند انتفائه ، بمعنى إثباته لهذا الفرد وذلك إلى غير ذلك ، فيكون موجبة كلّيّة ، ومن هنا ظهر أنّ مفهوم قوله عليه السلام : « إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » (١) إنّما هو الموجبة المهملة الصادقة بالجزئيّة ، لا الموجبة الكلّيّة ، فيكون مفهومه : إذا لم يبلغ الماء قدر كرّ ينجّسه شيء ، لا أنّه ينجّسه كلّ شيء.
الثاني : قد عرفت أنّ المفهوم إنّما هو رفع المنطوق ، لكنّهم بعد اتّفاقهم على ذلك اختلفوا في بعض الموارد فيما يتحقّق به الرفع ، وذلك فيما إذا كان المنطوق عامّا من حيث الشرط أو الجزاء أو من كلتا الجهتين ، فاختلفوا في أنّ رفع عموم ذلك العامّ ، سواء كان هو الشرط أو الجزاء أو كلاهما ، هل هو بسلب العموم الأعمّ من عموم السلب أو بعموم السلب خاصّة؟ فذهب إلى كلّ فريق ، وجعلوا من فروعه قوله عليه السلام : « إذا بلغ الماء ... إلخ » ، بالنظر (٢) إلى كون الجزاء فيه عامّا ، فمن ذهب إلى الأوّل جعل مفهومه مهملة ، ومن ذهب إلى الثاني جعله موجبة كليّة ، لكن سيأتي ما في هذا التفريع ، وتقدّم وجهه في الأمر السابق.
وكيف كان ، فمنشأ ذلك الخلاف ـ وإن لم يذكره أحد منهم فيما نعلم ، لكن الّذي يقتضيه التأمّل ودقيق النّظر أنّه لا بدّ أن يكون هو الاشتباه فيما هو الملحوظ في المنطوق في مقام التعلّق (٣) ، فإنّه إذا كان متعلّق الفعل المجعول شرطا أو جزاء عامّا ، فإن كان الملحوظ ـ حينئذ ـ في مقام التعلّق (٤) هو عمومية ثبوته
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢ ـ كتاب الطهارة ـ باب الماء الّذي لا ينجّسه شيء ـ ح : ١ و ٢ ، وفيه اختلاف يسير.
(٢) في النسخة المستنسخة : للنظر ...
(٣ و ٤) الأنسب للسياق : في مقام التعليق ..