فيكون المفهوم حينئذ هو سلب ذلك العموم الأعمّ من عموم السلب.
وأمّا الثانيان : فلأنّ الملحوظ في أوّلهما ـ أيضا ـ لمّا كان نفس الطبيعة من حيث هي (١) وكان المنطوق نفي الجزاء عنها كذلك عند وجود الشرط وكان العموم بالنسبة إلى أفرادها من لوازم وقوعها في حيّز النفي ـ كما عرفت ـ فيكون المأخوذ في طرف المفهوم ـ أيضا ـ هي كذلك ، فيكون مفهومه إثبات الجزاء لها كذلك عند انتفاء الشرط ومن المعلوم أنّ ذلك يتحقّق بإثباته لها بالنسبة إلى بعض أفرادها أيضا ، فيكون المفهوم إثباته لها على نحو القضيّة المهملة الصادقة بالجزئيّة ، فلا عموم فيه أصلا.
هذا بخلاف الثاني منهما ، إذ الملحوظ فيه في طرف المنطوق إنّما هي الأفراد على نحو الاستغراق ، بمعنى أنّ المقصود إنّما هو نفي الجزاء عن كلّ واحد واحد عند وجود الشرط.
وبعبارة أخرى : إنّ موضوع الحكم إنّما هو كلّ واحد واحد منهما على نحو الاستقلال ، بحيث يكون تلك القضية الواحدة في مقام قضايا متعدّدة ، وبمقدار تعدّد الأجزاء ، نظرا إلى أنّ الظاهر من أدوات العموم إنّما هي السوريّة للقضيّة ـ كما سيأتي تحقيقه لا الموضوعية ـ فيكون الموضوع هذا الفرد أو ذاك وذلك وهكذا ، فيكون القضيّة في مقام قولنا : لا تكرم زيدا ـ مثلا ـ ولا تكرم بكرا ، ولا تكرم
__________________
(١) إذ النكرة أيضا طبيعة ، فإنّها هي الطبيعة الملحوظة فيها فردها ، وهي ليست بفرد.
وبعبارة أخرى : إنّما (أ) هي حصّة من الطبيعة اللابشرط محتملة لحصص كثيرة : منها إطلاقها على كلّ واحدة منها على حدّ سواء ، وحكمها حكم الطبيعة اللابشرط من حيث كفاية أخذ الأفراد في كلّ منهما في جانب الوجود وتوقّف انتفاء كلّ منهما على انتفاء جميع الأفراد. منه طاب ثراه.
__________________
(أ) في النسخة المستنسخة : إنها.