ثمّ إنّ الظاهر من إسناد الاقتضاء إلى التعليق والتقييد أنّ المراد به الاستلزام عقلا ، فمقتضاه كون المسألة عقليّة ، لكن بملاحظة ما تقدّم من العلم بأنّ النزاع في المقام إنّما هو في إثبات الدلالة للّفظ على الانتفاء عند الانتفاء يعلم أنّ المراد [ به ] أنّ أدوات الشرط هل هي تدلّ على تعليق التالي على المقدّم على وجه يلزمه الانتفاء عند الانتفاء ، فتكون دالّة عليه بالاستلزام البيّن ، أو لا؟ وكان الأليق بمقصودهم تحرير الخلاف بهذه العبارة.
والمراد بالشرط هنا إنّما هو الشرط النحوي المعبّر [ عنه ] في اصطلاح أهل الميزان بالمقدّم ، وهو الجملة التالية لكلمة ( إن ) وأخواتها من أدوات الشرط ، لا ما هو المصطلح عليه عند أهل المعقول وعند الأصوليين ـ أيضا ـ وهو ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده الوجود ، ضرورة أنّ التعليق عليه ملازم عقلا للانتفاء عند الانتفاء ، فلا يعقل كونه محلا للنزاع بعد الفراغ عن كون الشرط هكذا ، لرجوعه إلى التناقض ، ولا الشرط اللغويّ ـ أيضا ـ لعدم ارتباطه بالمقام بوجه ، كما لا يخفى ، ولا الّذي بمعنى السبب حيث إنّه قد يطلق عليه ، ضرورة أنّ مجرّد التعليق على سبب لا يستلزم انتفاء المسبّب عند انتفائه ، لجواز قيام سبب آخر مقامه ، فلا يعقل النزاع فيه أيضا ، فإنّ ذلك إنّما هو لازم السبب المنحصر.
وكيف كان ، فتوهّم خلاف المقصود في موضع الخلاف أو الشكّ فيه يدفعه ما علم من الخارج ، من أنّ الكلام إنّما هو في دلالة أدوات الشرط على الانتفاء عند الانتفاء ، لا إثباته ولو بالبرهان العقلي.
ويعضدنا ما حكي (١) عن جماعة من تحريرهم لموضع الخلاف بالتعليق
__________________
(١) قال المحقّق التقيّ ـ قدّس سرّه ـ في هدايته : ( وقد يوهم بعض تعبيراتهم في المقام اختصاص الحكم بالتعليق بكلمة « إن » بخصوصها : حيث قرّروا المسألة في خصوص التعليق بها ، كما في المحصول وفي التهذيب والزبدة وغيرها ، وليس كذلك ، بل إنّما عبّروا بذلك على سبيل التمثيل ). الهداية : ٣٨٧.