« إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » (١) ، فإنّ مراده إنّما هو الإجماع على ثبوته في الحديث المذكور للقرينة ، وإليه ينظر استثناء الشهيد (٢) ـ قدّس سرّه ـ الوصايا والأوقاف ونحوهما عن محلّ النزاع في باب المفاهيم (٣).
ومن هنا يظهر دفع ما أورده البهائي (٤) ـ قدّس سرّه ـ على القوم من المنافاة بين اتّفاقهم على حمل المطلق على المقيّد وبين اختلافهم في حجّيّة مفهوم الوصف ، بل ذهب الأكثر إلى منعها.
وتوضيح الدفع : أنّ استظهار انتفاء الحكم هناك عن غير مورد القيد إنّما هو لمكان القرينة اللاحقة لخصوص المقام ، وهي فهم اتّحاد الحكمين ، لا من نفس [ القيد ](٥) حتّى يلزم التنافي المذكور.
والّذي يقتضيه النّظر في دفعه : أنّ حمل المطلق على المقيّد خارج عن دلالة القيد على انتفاء الحكم عند انتفائه التي هي المتنازع فيها في باب المفاهيم ، إذ غايته أنّ استظهار حكم المطلق متّحد مع حكم المقيّد ، وليس حكما آخر وراءه.
وأمّا استظهار انتفاء سنخ ذلك الحكم ولو بخطاب آخر خاصّ بغير مورد
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢ ـ كتاب الطهارة ـ باب الماء الّذي لا ينجّسه شيء ـ ح : ١ و ٢ ، وفيه اختلاف يسير.
(٢) وهو الشهيد الثاني في تمهيد القواعد ، القاعدة الخامسة والعشرون ، حيث قال : ( ولا إشكال في دلالتهما ـ أي الشرط والصفة على نفي الحكم عند انتفائهما ) في مثل الوقف والوصايا والنذور .. إلخ ).
(٣) قال المحقّق التقيّ ـ قدّس سرّه ـ في هدايته : ( من التأمّل فيما قرّرنا يظهر أنّ ما ذكره الشهيد الثاني في التمهيد حاكيا له عن البعض من تخصيص محلّ النزاع بما عدا مثل الأوقاف والوصايا والنذور والأيمان .. غير متجه ، إذ ليس ذلك من حجّيّة المفهوم في شيء .. إلخ ). الهداية : ٢٨١.
(٤) زبدة الأصول : ١٠٤.
(٥) إضافة يقتضيها السياق.