وظاهر قولهم : ـ أنّ مفهوم الشرط أو الوصف مثلا حجّة ، أو لا ـ يعطي الثاني ، وينطبق عليه ، لكنّه ليس بمقصود قطعا.
وربما يتوهّم من ظاهر القول المذكور : أنّ النزاع إنّما هو في اعتبار ذلك المقدار من إشعار اللفظ بالانتفاء عند الانتفاء في مقام تعليق الحكم على شرط أو وصف أو غيرهما ، وقد ظهر اندفاعه.
والمراد بالمفهوم ـ ، كما أشرنا إليه ـ إنّما هو دلالة اللفظ على الانتفاء عند انتفاء المعلّق عليه ـ من الشرط أو الوصف أو غيرهما ـ لا مجرّد انتفاء الحكم عند انتفاء ما علّق عليه ، فإنّه لا يقبل لوقوع النزاع فيه جدّاً ، ضرورة عدم شمول الحكم المعلّق على شيء ـ ولو كان هو الموضوع المعبّر عنه باللقب ـ لغير مورد المعلّق عليه ، بل لا بدّ من ثبوته لغير مورده من دليل آخر غير ذلك الخطاب.
ثمّ النزاع في باب المفاهيم إنّما هو في مصاديق ما اختلف في حجّيّة مفهومه لا في حجّيّة مادّته ، لعدم الخلاف من أحد في دلالة مادّة الشرط والوصف والغاية واللقب والحصر على انتفاء الحكم عن موارد انتفائها ، لعدم الخلاف في ظهور قولنا : الشرط في وجوب إكرام زيد مجيئه ، أو أنّ غاية إكرامه اليوم الفلاني ، أو أكرم زيد الموصوف بالعلم ، أو اللقب الفلاني ، أو إكرامي منحصر في زيد.
وأيضا النزاع فيها إنّما هو مع قطع النّظر عن القرائن اللاحقة لبعض الموارد الخاصّة ، كما في الأوقاف والوصايا والأقارير وأمثالها ، حيث إنّ الظاهر من حال الواقف والموصي والمقرّ إذا علّق الحكم على شيء من شرط أو وصف أو غيرهما إرادة انتفائه عند انتفاء المعلّق عليه ، والمنكرون لمفهوم الشرط أو الوصف مسلّمون له ومعترفون به في أمثال تلك الموارد ، ولذا صرّح العلاّمة (١) ـ قدّس سرّه ـ على ما حكي عنه بأنّ الكلّ متّفقون على ثبوت المفهوم لقوله عليه السلام :
__________________
(١) المختلف : ٤ ـ كتاب الطهارة ـ المسألة الثانية من الفصل الثاني ، وكذا نسبه إليه في المدارك : ٥.