اللفظ كما حمله عليه بعض آخر ، لاحتياج كلّ منهما [ إلى ](١) ارتكاب أمر مخالف للأصل لا يصار إليه إلاّ بشاهد قويّ ، إذ لا بدّ في كلّ منهما من إضمار متعلّق من أفعال العموم للظرف المذكور ، كما لا يخفى ، بل يلزم على الأوّل [ من ] هذين التزام آخر مخالف للأصل ، وهو الاستخدام (٢) ، لما عرفت أنّ المراد بالموصول إنّما هو الحكم ، ومن المعلوم أنّ الّذي في محلّ النطق باللفظ إنّما هو الدلالة ، لا المدلول الّذي هو الحكم ، فلا بدّ من حمل الضمير الرابط للحال العائد إلى الموصول على الدلالة على الحكم لا نفسه ، وهل هذا إلاّ الاستخدام؟!
ثمّ إنّ مقتضى ما استظهرنا ثبوت الفرق بين المنطوق والمفهوم بكون الأوّل عبارة عن حكم مذكور ، والثاني عبارة عن حكم غير مذكور ، بل على كلّ من الاحتمالين الأخيرين أيضا كذلك ، فإنّ الفرق المذكور مبنيّ على حمل الضمير المجرور على الحكم.
وقد يفرّق بينهما : بأنّ الأوّل عبارة عمّا يكون حكما من أحكام موضوع مذكور أو حالا من أحواله ، والثاني عبارة عمّا يكون حكما من أحكام موضوع غير مذكور ، أو حالا من أحواله ، فمبنى الفرق على هذا على كون الموضوع مذكورا وعدمه ، وعليه لا بدّ من الاستخدام في الضمير المجرور بحمله على الموضوع كما لا يخفى.
__________________
(١) في الأصل : في.
(٢) الاستخدام هو أن يذكر لفظ له معنيان ، فيراد به أحدهما ثمّ يراد بالضمير الراجع إلى ذلك اللفظ معناه الآخر ، وذلك كقوله :
إذا نزل السماء بأرض قوم |
رعيناه وإن كانوا غضابا |
أراد بالسماء الغيث ، وبضمير ( رعيناه ) الراجع إلى ( السماء ) أراد النبت ، والسماء يطلق عليهما.
وله شقّ آخر غير محتاج إليه في المقام ، راجعه في مظانّه ، ومنها التعريفات للشريف الجرجاني : ٩.