بالمعاملة من حيث ترتّب مسبّباتها عليها ، فيكون هاتان الروايتان مفيدتين لما أفاده الوجه المتقدّم من اقتضاء النواهي المتعلّقة بالمعاملات من الجهة المذكورة للفساد ، فلا يتعدّى إلى غير ذلك القسم من النواهي.
والحاصل : أنّ الروايتين دلّتا على فساد ما نهي عن نفسه لا على فساد ما اتّحد مع شيء آخر منهيّ عنه من دون النهي عنه في نفسه ، والنهي محمول على المعهود المتعارف ، وهو القسم المذكور منه ، فتكونان دالّتين على تمام المدّعى والمختار ، غير مبيّنتين (١) لأزيد منه.
لا يقال : على تقدير تسليم دلالتهما فيهما إنّما تدلاّن على ذلك في خصوص النكاح ، ولا يتعدّى منه إلى غيره.
لأنّا نقول : إنّ مورد التعليل إنّما هو النكاح ، والمورد لا يصلح لتخصيص عموم العلّة ، فيؤخذ بعمومه ، فيتمّ المطلوب.
هذا مضافا إلى الإجماع على الملازمة بين النكاح وغيره في الحكم المذكور على تقدير ثبوته.
فإن قلت : إنّهما على تقدير تماميّتهما إنّما تفيدان فساد المعاملة إذا وقعت على وجه العصيان ، ومن المعلوم أنّ العصيان أخصّ موردا من الحرمة ، فلا ينهضان حجّة على تمام المدّعى ، وهو فساد المعاملة المحرّمة مطلقا.
قلنا : الظاهر من العصيان فيهما إنّما هو الثاني منه ، وهو الإتيان بما يحرم الإتيان به في أصله ، لا الفعلي منه حتّى يكون أخصّ موردا ، وذلك لأنّ الظاهر منهما أنّ الاستدلال بالنهي على الفساد كان متعارفا وشائعا عند المتشرّعين ، وأنّه عليه السلام نبّه السائل على ما هو المتعارف عندهم ، وفهّمه مقتضيات النواهي الشرعيّة ، ونحن لمّا استظهرنا أنّ مقتضاها هو فساد المعاملة مطلقا
__________________
(١) في النسخة المستنسخة : غير مبين ..