يكون المراد بالعصيان ما يصحّ كونه علّة للصحّة ، وهو لا يكون إلاّ بإمضاء الشارع ورضاه بمقتضى النكاح مع لحوق الإجازة ، فيخرج الروايتان عن الاحتجاج بهما على اقتضاء النهي للفساد ، إذ مفهوم العلّة حينئذ استلزام عدم الإمضاء للفساد ، وهو ليس مربوطا بالمطلوب بوجه.
قوله : ( وقوع التعبير عنه ) أي عن عدم الإذن.
قوله : ( حكمه بعصيان العبد لسيّده ) هذا شاهد آخر على إرادة عدم الإتيان بما لم يمضه الله من العصيان ، وحاصله :
أنّ العصيان إنّما يتحقّق بأمرين :
أحدهما : المنع من ارتكاب العمل.
وثانيهما : ارتكاب ذلك الفعل الممنوع منه ، وحقيقة العصيان متقوّم بهذين ، وبانتفاء أحدهما ينتفي ، وبعد التصرف في عدم الإذن ـ بحمله على المنع بقرينة قوله : « عصى سيّده » حيث إنّ العصيان في معناه المتوقّف على المنع أظهر من لفظ عدم الإذن في الأعمّ ـ من المنع ـ لا يمكن حمل العصيان في قوله : « عصى سيده » على حقيقته ، لانتفاء الأمر الآخر فيه ، وهو ارتكاب الفعل الممنوع منه ، فإنّ السيّد على تقدير منعه إنّما يمنع من النكاح الصحيح وبعد منعه من النكاح لا يمكن صدور النكاح الصحيح من العبد فيمتنع منه عصيان السيّد ، فلا يمكن حمل العصيان على حقيقته ، فيحمل على عدم الرضا بمقتضى العقد هذا.
وكيف كان ، فهذا الوجه متّحد مع الوجه السابق في المعنى ، وإنّما الاختلاف في كيفية استظهار القرينة على الدلالة عليه ، وأيضا هما متّحدان من جهة أنّه قد اعتبر في كلّ منهما من حيث القرينة امتناع حمل العصيان على حقيقته ، بل العمدة في التصرّف في كلّ منهما إنّما هو ذلك ، فافهم.