رابعها : أن يكون غيريّا إرشاديّا ، لا شرعيّا ، ويكون هذا ـ أيضا ـ من باب الكناية ، إذ الغرض منه التنبيه على حرمة شيء آخر بالحرمة النفسيّة الشرعيّة.
والحاصل : أنّه إذا فرض أنّ منشأ النهي عن السبب إنّما هو مبغوضيّة مسبّبه [ أو ] ترتيب ذلك المسبّب عليه ، يكون (١) الحرام النفسيّ الشرعيّ حقيقة هو ذلك المسبّب أو ترتيبه على السبب ، فأوجب (٢) ذلك النهي ـ المتعلّق بالسبب ظاهرا ـ [ نهيا ] نفسيّا ، فهما منهيّ عنهما بنهي آخر غير ذلك النهي قد كشف الشارع عنه بذلك النهي ، والمراد بالمسبّب (٣) إنّما هو ما كان من فعل المكلّف من تناول أخذ العوضين في العقود وترتيب آثار الملك عليه بالمعنى الأخصّ التي [ هي ] بمعنى العلقة الحاصلة بين أحد المتبايعين وأحد العوضين ، أو من الأحكام الوضعيّة على اختلاف القولين فيها ، وعلى التقديرين لا يصحّ إيراد النهي عليها :
أمّا على كونها من أحكام الوضع فلأنّه من فعل الشارع ، ولا يعقل إيراد النهي على فعله.
وأمّا على القول الآخر فلأنّها من الأوصاف المقابلة للأفعال ، وموضوع التكليف لا بدّ أن يكون من فعل المكلّف بلا واسطة أو معها.
نعم هي ملازمة شرعا لذلك المسبّب نفيا وإثباتا ، فإذا أثّر العقد فيه أثّر فيها ، وإذا لم يؤثّر فيه لم يؤثّر فيها أيضا ، والغرض الأصلي من المعاملات إنّما هو ترتيب تلك المسبّبات بالمعنى الّذي عرفت ، فالصحيح منها ما يجوز ترتيبها عليه ، والفاسدة ما لا يجوز فيها ذلك.
__________________
(١) في النسخة المستنسخة : فيكون.
(٢) في النسخة المستنسخة : فأوجد ، والصحيح ما أثبتناه.
(٣) في النسخة المستنسخة : بالسبب ..