الثاني : أن الذات لو دخلت في مفهوم المشتقات ، فالدّال عليها إمّا المادة أو الهيئة أو هما معاً والكلّ باطل .
أما الأول ، فلأنّ المادة لو دلّت عليها بالوضع ، للزم أن تكون داخلة في مفهوم المصادر أيضاً ، لأنّ معاني المواد ـ في ضمن المشتقات ـ عين معاني المصادر بالاتّفاق ، كيف ؟ وقد ذهب جماعة إلى أن المواد ـ في ضمنها ـ غير موضوعة بوضع على حدة ، بل وضعها وضع المصادر ، ولا يعقل معه المغايرة في المفهوم باعتبار اختلاف الهيئة ، واللازم باطل بالاتّفاق على عدم دخول الذات في مفهوم المصادر ، وبأنّها لو دلّت عليها لدلّت على النسبة أيضاً ، فلم يبق فرق بينها وبين المشتقات .
وأما الثاني : فللاتفاق على أنّ الهيئة في المشتقات لا تفيد أزيد من الرّبط بين الحدث والذات ، مضافاً إلى قضاء التتبّع في سائر الهيئات الموضوعة بعدم وضع هيئة بإزاء معنى مستقل ، وقد صرّحوا بأن معاني الهيئات معان حرفية ، فتأمل (١) .
أما الثالث : فلأنّ مدلول المشتقّات موزّع على الهيئة والمادة فمدلول المادة هو الحدث ، ومدلول الهيئة الرّبط والنسبة ، والتفكيك بهذا النحو ثابت بضرورة اللّغة ، سواء قلنا : بأنّ وضع المواد في ضمن المشتقات وضع المصادر ، أو أنّها موضوعة بوضع آخر .
الثالث : انّ مفهوم المشتق على هذا التقدير إمّا الذّات المبهمة من حيث اتّصافها بالمبدأ ، بأن يكون التقيّد بالاتّصاف داخلاً والقيد خارجاً ، أو مجموع ذات مّا والمبدأ والنسبة ، فيكون مركّباً من الامور الثلاثة ، وكلاهما باطل .
أما الاول : فلاستلزام خروج المبدأ عن مفهوم المشتق ، وهو باطل بالضّرورة والاتّفاق .
وأما الثاني : فلأنّ قضيّته في مقام الحمل في نحو قولك : زيد ضارب ، أن يلاحظ إطلاق كل من الأجزاء الثلاثة على أمر من الامور الخارجيّة ، فيطلق ذاتاً مّا في المثال على خصوص زيد والمبدأ الكلي على المبدأ الخاص اللاحق به ، والنسبة
___________________________
(١) سيجيء وجه التأمّل . لمحرّره قدس سره .