المجموع منهما ، بحيث يكون كل واحد جزء منه ، فهذا ما أنكره الباقلاني ، حيث إنه مباين للمعنى اللغوي .
وكيف كان فهو لا ينكر أصل الاستعمال المجازي في تلك الألفاظ ، بل يمنع من استعمالها في المجاز المباين للمعاني اللغوية . والذي ادعى الاجماع عليه ـ أيضاً ـ هو مطلق الاستعمال المجازي ، لا خصوص المباين ، فلا منافاة ، وهو حسن ، فتأمل .
ثم إن الوضع المدعى ثبوته لتلك الألفاظ في محل النزاع ، الحق أنه أعمّ من التعييني ، كما سيجيء ، إن شاء الله ، وإن كان ظاهر بعض أدلة النافين خصوصه ، كقولهم لو ثبت لفهمه المخاطبون ، ولو فهم للنقل إلينا .
ثم النزاع لا يختص بألفاظ الكتاب خاصة ، أو بألفاظ الأخبار النبويّة خاصة ، أو بكليهما خاصة ، بل أعم من كل منهما ، بحيث يشمل ما قد صار حقيقة في المعنى الجديد باستعمالات الصحابة ، والتابعين تبعا لاستعمال الشارع المجازي .
المقام الثاني في ثمرة المسألة ، فاعلم أنها على ما ذكره ، إنما هو حمل الخطابات الصادرة من الشارع المجردة عن القرائن على المعاني الجديدة ـ على القول بثبوت الحقيقة الشرعية فيها ـ وحملها على المعنى اللغوي على القول بعدم ثبوتها .
ولا يخفى ما فيها في كل من طرفيها :
أمّا طرفها الثاني ـ وهو حمل الخطابات المذكورة على المعنى اللغوي ـ فقد عرفت ما فيه آنفاً ، من عدم انطباقه على محل النزاع حيث إنك عرفت أن الحكم ـ حينئذ ـ هو التوقف والاجمال ـ على المشهور ـ لصيرورة اللفظ حينئذ مجازاً مشهوراً ، لا محالة ، فتأمل .
وأما طرفها الأول : فلتوقفه على العلم بتأخر صدور الخطاب عن زمان حصول النقل ، ولا يكاد يتمكن من تحصيله في مورد من الموارد ، والا فمع الجهل به ، فالأصل هو التوقف ، والاجمال لتكافؤ أصالة تأخر كل من الأمرين لأصالة تأخر الآخر .
ولو قيل بأن مقتضى الأصلين ـ حينئذ ـ هو التقارن ، ولازمه حمل الخطاب على المعنى الجديد .
ففيه : أنّه بعد تسليم اعتبار هذا الأصل لا يجوز التمسك به .
أما على الوضع التعييني في الحقائق
الشرعية ، كما هو ظاهر بعض أدلة المثبتين ، فلا يكاد يعقل التقارن ، لأن الصادر من الشارع في آنٍ واحد فعل واحد ، وهو إما