الوضع ، إلّا أنّه أجاز الواضع ذلك مع قيام القرينة ، فتأمّل .
هذه حال الدورانات العشرة المعروفة ، وقد عرفت أنّ النسخ والتقييد ـ أيضاً ـ من الأحوال التي يحصل من ملاحظتها إحدى عشرة صورة اخرى ، خمسٌ منها تحصل من ملاحظة النسخ مع ملاحظة كلّ من الامور الخمسة المذكورة ، وخمس اخرى من ملاحظة التقييد معها ، والحادية عشرة من دوران الأمر بينهما .
الاولى : الدوران بين الاشتراك والنسخ ، وحكى تصريح المنية (١) بمرجوحية النسخ بالنسبة إلى الجميع ، ولعلّه لندرته بالنسبة إلى كلّ منها ، واستدل الفخر الرازي (٢) ، على ما حكي عنه على ترجيح الاشتراك ، بأن النسخ لا يثبت بخبر الواحد والقياس بخلاف التخصيص .
وردّه العلامة ( قدّس سرّه ) واعترض عليه : بأنّ هذا دليل على رجحان التخصيص عليه ، لا رجحان الاشتراك (٣) .
ويمكن توجيه كلامه بأنّه مسوق لدفع توهّم المساواة بين التخصيص والنسخ ، باعتبار كون النسخ ـ أيضاً ـ تخصيصاً ، ولو بحسب الأزمان ، لا أنّ مراده الاستدلال به على ترجيح الاشتراك ، بل كان الترجيح عنده مسلّماً ، وإنّما ينبّه بهذا الكلام إلى دفع التوهم المذكور .
ويمكن أن يوجّه كونه دليلاً على مدّعاه ، لكن بانضمام مقدمة اخرى ، وهي مساواة الاشتراك للتخصيص بأن يكون إحدى المقدمتين مصرّحة ، والاخرى مطويّة ، فعلى ملاحظة تلك المقدمة يتم المطلوب ، لأنّه إذا رجّح التخصيص على النسخ ، فيلزمه
___________________________
(١) منية اللبيب مخطوط في تعارض الأحوال واليك نصّه : واعلم أنّ المراد بالتخصيص في هذه المعارضات إنما هو التخصيص في الاشخاص ، أمّا التخصيص في الأزمان ـ وهو النسخ ـ فهو مرجوح ، وكلّ من الاحتمالات الخمسة أولى منه عند معارضته إيّاه . واحتجّ فخر الدّين على أنّ الاشتراك أولى من النسخ ، بأنّ النسخ يحتاج فيه ما لا يحتاج في تخصيص العام بدليل جواز تخصيص العام بخبر الواحد والقياس ، وعدم جواز النسخ بهما ، والعلّة في ذلك أنّ الخطاب بعد النسخ يصير كالباطل ، وبعد التخصيص لا يصير كالباطل ، واعترضه المصنّف طاب ثراه بأن ذلك إنما يدلّ على كون التخصيص أولى من النسخ وليس فيه دلالة على كون الاشتراك أولىٰ من النسخ الذي هو المطلوب .
(٢) نهاية الوصول : ٣٦ مخطوط ، في مبحث تعارض الاحوال واليك نصّه :
وفيه نظر ، فان هذا يقتضي ترجيح التخصيص على النسخ وأنّ التخصيص أولى من الاشتراك والنسخ ، وهذا لا يقتضي رجحان الاشتراك على النسخ ، ولا العكس ، بل الوجه توقف الاشتراك على الوضع ، و توقف النسخ عليه وعلى رفعه الحكم .