بينهما من حيث الالتزام الشّرعي ، كما أنّه إذا دلّ دليل على وجوب شيء يدلّ على وجوب ما يتوقّف عليه بالالتزام العقلي ، فإذا ورد ما يدلّ على عدم وجوب ما يتوقّف عليه يدلّ على عدم وجوب ذلك الشّيء لا محالة مع فرض بقاء التّوقّف ، فيتعارضان من حيث الدّلالة الالتزاميّة العقليّة.
ومن التّعارض من جهة الالتزام الشّرعي أيضا : ما إذا دلّ دليل على بطلان الصّلاة بنقص جزء منها سهوا ودلّ دليل آخر على عدم بطلان الصّلاة بزيادة هذا الجزء ؛ فإنّه لا تعارض بينهما إلاّ بملاحظة ما دلّ على التّلازم بين النّقيصة والزّيادة صحّة وبطلانا.
ومنه أيضا : ما إذا دلّ دليل على انفعال القليل بشيء من النّجاسات ، ودلّ دليل آخر على عدم انفعاله بنجس آخر غيره ، فيقع التّعارض بينهما بملاحظة ما دلّ على عدم التفصيل بين النّجاسات الواردة على القليل وهكذا ...
وهذا هو المراد ممّا ذكره بعض أفاضل مقاربي عصرنا : من كون التّعارض بين الدّليلين قد يكون بأنفسهما وقد يكون بواسطة أمر خارج عنهما هذا. وقد يجعل الواسطة إذا لم يكن قطعيّة طرفا للمتعارضين ويحكم بهذه الملاحظة باندراج الفرض في تعارض أزيد من الدّليلين ، ولعلّنا نتكلّم في تحقيق المقام فيما يتلى عليك في طيّ مطالب المسألة.
ثمّ إنّ قصر موضوع المسألة على تعارض الدّليلين ، إنّما هو بالنّظر إلى ما يقع غالبا لا من جهة اختصاص التّعارض أو حكمه بتعارض الدّليلين ، وإلاّ فقد يقع التّعارض بين الثّلاثة والأزيد كما ستقف على شرح القول في حكم تعارض أزيد