اجتماع الضّدّين بظاهره ظاهر الفساد ؛ ضرورة تغاير المحمول في اجتماع الضّدين ، فتنافي وجوب الشّيء وحرمته مع كونهما محمولين : من جهة أنّ وجوبه يقتضي عدم حرمته كما أنّ حرمته يقتضي عدم وجوبه ، فاجتماعهما يقتضي اجتماع كلّ من الوجوب والحرمة مع عدمه ، كما أنّ اجتماع السّواد والبياض يقتضي اجتماع كلّ منهما مع عدمه.
وهذا الّذي ذكرنا وإن كان أمرا واضحا ، إلاّ أنّ التباس الأمر على بعض المعاصرين دعانا إلى التّنبيه عليه وليكن في ذكر منك لعلّه ينفعك في بعض ما سيتلى عليك.
وممّا ذكرنا كلّه : يظهر استقامة ما أفاده قدسسره في « الكتاب » بقوله : ( وكيف كان : فلا يتحقّق إلاّ بعد اتّحاد الموضوع ، وإلاّ لم يمتنع اجتماعهما ) (١) ضرورة اقتضاء التّنافي بأحد الوجهين امتناع اجتماع المتنافيين الّذي لا يتحقّق إلاّ بعد اتّحاد الموضوع الجامع للوحدات.
ثمّ إنّ المراد من المدلول ـ كما هو ظاهر وصرّح به غير واحد ـ أعمّ من المطابقي والتّضمّني والالتزامي بأقسامه حتّى الالتزام الشّرعي ، فإذا دلّ دليل على وجوب القصر في أربعة فراسخ ودلّ دليل على وجوب الصّوم فيها فلا محالة يقع التّعارض بينهما بملاحظة ما دلّ على التّلازم بين القصر والإفطار شرعا والصّوم والإتمام ، فالخبر الدّالّ على القصر يدلّ على وجوب الإفطار بالالتزام الشّرعي كما أنّ الخبر الدّال على الصّوم يدلّ على وجوب الإتمام كذلك فيقع التّعارض
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٤ / ١١.