كلام الفاضل النراقي والمناقشة فيه
قال الفاضل النّراقي في « المناهج » :
« قالوا : التّعارض بين القطعيّين والقطعي والظّني محال ، واستدلّوا على الأوّل باستلزامه التّناقض ؛ لأنّ القطعي ما ثبت تحقّق مدلوله قطعا فلو عارضه مثله لحصل القطع بتحقّق مدلوله أيضا ، والمفروض تناقض المدلولين ولا فرق في ذلك بين كونهما متساويين أو بينهما عموم وخصوص مطلق أو من وجه ، وعلى الثّاني : بأن الظّني لا يقاوم القطعي فلا يمكن أن يعارضه ، وبأنّ الظّن ينتفي عند قيام القطع.
أقول : إن كان المراد من القطعي ما ذكر فعدم تعارضهما واضح. وأمّا إن كان المراد ما كان الدّالّ قطعيّا كما يظهر من تمثيلهم للقطعيّين بالمتواترين والإجماعين القطعيّين ، فقد يمكن التّعارض بجواز صدور خبرين متناقضين لمصلحة تقيّة ونحوها متواترا أو انعقد الإجماع على حكم في زمان تقيّة وعلى خلافه في زمان آخر.
وأمّا ما ذكروه دليلا للثّاني : فيتوجّه على الأوّل منهما : أنّ التّقاوم مناط التّعادل دون التّعارض ؛ فإنّ الظّنيّين اللّذين اقترن أحدهما بمرجّح متعارضان مع فقد التّقاوم ، وعلى الثّاني : بأنّ مناط التّعارض هو تنافي المدلولين دون بقاء الظّن ؛ فإنّ المراد بالظّني ليس ما أفاده بالفعل ، وإلاّ لزم عدم التّعارض بين الظّنيّين أيضا ؛ لاستحالة تعلّق الظّن بطرفي النّقيض ، بل ما من شأنه أن يفيد الظّن وإن لم يفده بالفعل وذلك متحقّق في الظّني والقطعي ، فالحقّ إمكان التّعارض بين القطعي