المكلف كل ما يمكن أن تنطبق عليه هذه الطبائع في الخارج ، لاستحالة إرادة ذلك لأنّه تكليف بالمحال ، وإرادة بعض أفرادها دون بعضها الآخر تحتاج إلى دليل ، فإذا لم يكن دليل في البين فمقتضى الاطلاق هو أنّ المطلوب واحد منها وصرف وجودها المتحقق بأوّل الوجودات. وأمّا تكرار الصلاة في كل يوم والصوم في كل سنة فهو من جهة الأدلة الخاصة ، لا من ناحية دلالة الأمر عليه.
وهذا بخلاف ما إذا فرض تعلق النهي بتلك الطبائع ، فانّ مقتضى الاطلاق الثابت فيها بمقدّمات الحكمة هو الاطلاق الشمولي لخصوصية في تعلق النهي بها ، وهي أنّه لا يمكن أن يريد المولى حرمان المكلف عن بعض أفرادها لأنّه حاصل ولا معنى للنهي عنه ، وإرادة حصة خاصة منها بحسب الأفراد العرضية أو الطولية تحتاج إلى دليل ، وحيث إنّه لا دليل عليها فقضية الاطلاق لا محالة هي العموم الشمولي.
وقد تحصّل من ذلك : أنّ مقتضى الاطلاق في الأوامر سواء أكان الاطلاق من تمام الجهات ـ أعني بالاضافة إلى الأفراد العرضية والطولية ـ أو من بعض الجهات ، كما إذا كان لها إطلاق بالاضافة إلى الأفراد العرضية دون الطولية أو بالعكس ، هو الاطلاق البدلي وصرف الوجود ، وفي النواهي كذلك الاطلاق الشمولي.
كما أنّ الأمر كذلك في الأحكام الوضعية المتعلقة بالطبائع الكلّية كالطهارة والنجاسة ولزوم العقد وحلية البيع وما شاكل ذلك ، فانّ مقتضى جريان مقدّمات الحكمة فيها هو الاطلاق الشمولي وانحلال تلك الأحكام بانحلال متعلقاتها وموضوعاتها في الخارج.