عدّة نقاط فيما ذكرناه :
الاولى : أنّه لا فرق بين الأمر والنهي بحسب مقام الثبوت والواقع كما مرّ.
الثانية : أنّه لا فرق بينهما بحسب المتعلق ، فما تعلق به النهي بعينه هو متعلق الأمر كما عرفت.
الثالثة : أنّ الأساس الرئيسي لامتياز النهي عن الأمر إنّما هو في مقام الاثبات والدلالة ، حيث إنّ نتيجة مقدّمات الحكمة في طرف الأمر الاطلاق البدلي وصرف الوجود ، وفي طرف النهي الاطلاق الشمولي.
الرابعة : أنّ مبدأ انبثاق هذا الامتياز إنّما هو خصوصية في نفس الأمر المتعلق بشيء والنهي المتعلق به كما سبق.
ثمّ إنّ ما ذكرناه من الاختلاف في نتيجة مقدّمات الحكمة باختلاف الخصوصيات جارٍ في الجمل الخبرية أيضاً ، فانّ نتيجة مقدّمات الحكمة فيها أيضاً تختلف باختلاف خصوصيات المورد ، مثلاً في مثل قولنا : جاء رجل نتيجة تلك المقدّمات الاطلاق البدلي ، وفي مثل قولنا : لا رجل في الدار نتيجتها الاطلاق الشمولي ، مع أنّ كلمة الرجل في كلا المثالين قد استعملت في معنى واحد وهو الطبيعي الجامع ، ولكن في كل منهما خصوصية تقتضي كون الاطلاق في أحدهما بدلياً وفي الآخر شمولياً ، وبتلك الخصوصية يمتاز أحدهما عن الآخر.
وبيان ذلك : أمّا كون النتيجة في المثال الأوّل بدلياً ، فلأجل أنّه لا يمكن أن يريد المتكلم الإخبار عن مجيء كل من ينطبق عليه عنوان الرجل ، لأنّه خلاف الواقع ، هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى : أنّه لم ينصب قرينةً على الإخبار عن مجيء شخص خاص.