أنّ جعل الحكم لفردٍ مّا من البيع أو التجارة أو العقد في الخارج لغو محض ، فلا يترتب عليه أيّ أثر. ومن المعلوم أنّه يستحيل صدور مثله عن الحكيم ، فإذن لا محالة إمّا أن يكون الحكم مجعولاً لجميع أفراد تلك الطبائع في الخارج من دون ملاحظة خصوصية في البين ، وإمّا أن يكون مجعولاً لحصة خاصة منها دون اخرى ، وبما أنّ إرادة الثاني تحتاج إلى نصب قرينة تدل عليها ، والمفروض أنّه لا قرينة في البين ، فإذن مقتضى الاطلاق الثابت بمقدّمات الحكمة هو إرادة جميع أفراد ومصاديق هذه الطبائع.
وهذا بخلاف نتيجة تلك المقدّمات في مثل قولنا : بع دارك مثلاً أو ثوبك ، أو ما شاكل ذلك ، فانّها في مثل هذا المثال بدلي لا شمولي ، مع أنّ كلمة البيع في هذا المثال والآية الكريمة قد استعملت في معنى واحد ، وهو الطبيعي الجامع ، ولا تدل في كلا الموردين إلاّعلى إرادة تفهيم هذا الجامع ، ولكن لخصوصيةٍ في هذا المثال كان مقتضى الاطلاق فيه بدلياً ، وهذه الخصوصية هي عدم إمكان أن يراد من بيع الدار بيعها من كل أحد وبكلّ شيء ، ضرورة أنّ العين الواحدة الشخصية غير قابلة لأن يبيعها من كل شخص وبكل صيغة في زمان واحد ، هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى : أنّ المفروض عدم تقييد بيعها من شخص خاص وفي زمان مخصوص.
فالنتيجة على ضوئهما : هي جواز بيعها من أيّ شخص أراد بيعها منه ، وهذا معنى الاطلاق البدلي وكون المطلوب هو صرف الوجود.
ومن ذلك يظهر حال الأوامر المتعلقة بالطبائع ، كالأمر المتعلق بالصلاة والصوم والحج وما شاكل ذلك ، فانّ قضية الاطلاق الثابت فيها بمقدّمات الحكمة الاطلاق البدلي وصرف الوجود ، وذلك لما عرفت من أنّه لا يمكن أن يراد من