كذلك. نعم ، يمكن أن يكون له ماهيات طولاً باعتبار أجناسه العالية والمتوسطة والقريبة ، ولكن لا يمكن أن يكون له ماهيتان نوعيتان عرضاً ، فانّ لازم ذلك هو أن يكون شيء واحد متفصّلاً بفصلين يكون كل منهما مقوّماً له ، ومن الواضح استحالة ذلك كاستحالة دخول شيء تحت مقولتين من المقولات العشرة ، ضرورة أنّ المقولات أجناس عاليات ومتباينات بالذات والحقيقة ، فيستحيل اندراج مقولتين منها تحت مقولة واحدة ، كما أنّه يستحيل أن يكون شيء واحد مندرجاً تحت مقولتين منها ، فالنتيجة قد أصبحت لحدّ الآن : أنّه كما يستحيل صدق المقولتين على شيء واحد كذلك يستحيل تفصّل شيء واحد بفصلين ولو كانا من مقولة واحدة.
وأمّا المقدّمة الثالثة : وهي أنّ تعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون ، فغير تامة ، وذلك لأنّ هذه الكبرى لا تصدق إلاّعلى نحو الموجبة الجزئية ، ومعها لاتنتج النتيجة المزبورة وهي القول بالامتناع ، لفرض أنّه قدسسره لم يبرهن أنّ المعنون واحد في جميع موارد الاجتماع ، وغاية ما برهن أنّ تعدد العنوان لايقتضي تعدد المعنون ، ومن المعلوم أنّ عدم الاقتضاء أعم من أن يكون واحداً أو متعدداً ، فإذن لا بدّ من ملاحظة المجمع في مورد الاجتماع في نفسه ، ومجرد تعدد العنوان كما لا يكشف عن تعدد المعنون فيه ، كذلك لا يكشف عن وحدته ، فلا أثر له بالاضافة إلى تعدده ووحدته أصلاً.
ومن هنا استشكل شيخنا الاستاذ قدسسره (١) بأ نّها لا تتم على إطلاقها ، وذلك لأنّ العنوانين المنطبقين على شيء في الخارج إن كانا من العناوين الانتزاعية والمفاهيم الاعتبارية التي تنتزع من الجهات التعليلية ولا واقع موضوعي لها ، فمن الواضح أنّ تعددها لا يوجب تعدد المعنون أبداً ، ومن هنا
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١٣٦