وأجاب ( قدسسره ) عن هذا الاشكال : بأنّ بدلية إدراك الركعة الواحدة عن تمام الصلاة في الوقت إنّما هي في فرض عجز المكلف عن إدراك تمام الصلاة فيه لا مطلقاً ، والمفروض أنّ المكلف قادر على إدراك تمامها فيه ، وعليه فلا موجب لسقوط الأمر باتيان تمام الصلاة في وقتها ، فاذا لم يسقط فلا محالة يسقط الأمر بالصلاة مع الطهارة المائية ، لعجز المكلف عنها تشريعاً وإن لم يكن عاجزاً تكويناً ، وهذا كافٍ في الانتقال إلى بدلها وهو الصلاة مع الطهارة الترابية ، لما ذكرناه غير مرّة من أنّ الأمر بالطهارة المائية مشروط بالتمكن من استعمال الماء عقلاً وشرعاً ، ولا يكفي التمكن العقلي فحسب.
وملخص ما ذكرناه هو أنّه قدسسره طبّق الكبرى الكلّية ـ وهي أنّ ما لا بدل له يقدّم على ما له بدل في مقام المزاحمة ـ على فروع ثلاثة :
الأوّل : أنّ الواجب التخييري إذا زاحم ببعض أفراده الواجب التعييني فيقدّم التعييني عليه وإن كان الواجب التخييري أهم منه ، كما إذا كان لشخص عشرة دنانير ودار أمرها بين أن يصرفها في مؤونة من تجب عليه مؤونته وبين أن يصرفها في كفارة شهر رمضان ، وحيث إنّ لكفارة شهر رمضان بدلاً وهو صوم شهرين متتابعين أو عتق رقبة مؤمنة ، فلا يمكن مزاحمة وجوبها لوجوب المؤونة ، فيقدّم صرفها في المؤونة على صرفها في الكفارة ، لأنّ وجوب الكفارة لا يقتضي لزوم الاتيان بخصوص فردها المزاحم ، وهذا بخلاف وجوب المؤونة ، فانّه يقتضي لزوم الاتيان بخصوص ذلك الفرد.
الثاني : ما إذا كان عند المكلف مقدار من الماء لا يكفي للوضوء وتطهير البدن معاً ، فعندئذ يدور أمره بين أن يصرفه في الوضوء ويصلي مع البدن المتنجس ، وأن يصرفه في تطهير البدن ويصلي مع التيمم ، وبما أنّ للوضوء بدلاً