عناية زائدة فلا يتكفلها الاطلاق في مقام البيان ، وهذا بخلاف القسم الأخير ، فانّ إرادته لا تحتاج إلى عناية زائدة ، فيكفي الاطلاق المزبور في إرادته.
ومن هنا لا شبهة في ظهور النواهي الواردة في الشريعة المقدّسة بمقتضى الفهم العرفي في الانحلال ، كالنهي عن شرب الخمر والزنا والغيبة والكذب والغصب وسبّ المؤمن وما شاكل ذلك ، ولأجل هذا قلنا إنّ التكاليف التحريمية غالباً بل دائماً تكاليف انحلالية ، فتنحل بانحلال موضوعها مرّةً كما في النهي عن شرب الخمر مثلاً أو نحوه ، فانّه ينحل بانحلال موضوعه في الخارج وهو الخمر ويتعدد بتعدده ، وبانحلال متعلقها مرّةً اخرى كما في النهي عن الكذب مثلاً أو الغيبة أو ما شاكل ذلك مما لا موضوع له ، فانّه ينحل بانحلال متعلقه في الخارج ، وبانحلال كليهما معاً كما في مثل النهي عن سبّ المؤمن أو نحوه ، فانّه كما ينحل بانحلال موضوعه وهو المؤمن كذلك ينحل بانحلال متعلقه وهو السب ولو مع وحدة موضوعه.
فالنتيجة : هي أنّ النهي حيث إنّه ينشأ عن قيام مفسدة ملزمة في متعلقه ، فالظاهر منه بمقتضى الفهم العرفي هو ترتب تلك المفسدة على كل فرد من أفراده ، وبذلك ينحل النهي إلى نواهٍ متعددة بانحلال موضوعه أو متعلقه.
هذا تمام الكلام في النهي وفي منشأ انحلاله. وأمّا الأمر فهو على عكس النهي ، والوجه فيه : هو أنّ الأمر بما أنّه ينشأ عن قيام مصلحة ملزمة في متعلقه ـ وهي داعية إلى انشائه واعتباره ـ فلا محالة مقتضى الاطلاق فيه في مقام الاثبات وعدم التقييد بخصوصية من الخصوصيات هو أنّ المصلحة قائمة بصرف وجوده لا بمطلق وجوده أينما سرى.
وبتعبير أوضح : أنّ قيام مصلحةٍ بطبيعة في مقام الثبوت والواقع يتصور على صور :