بعنوان بسيط متحصّل منها ، كان الارتكاز العرفي ولو من ناحية الغلبة المزبورة قرينة على أنّ النهي تعلق بكل فرد من أفرادها ، وأنّ المفسدة قائمة بتلك الطبيعة على نحو السريان والانحلال ، فيكون كل واحد منها مشتملاً عليها.
وبكلمة واضحة : أنّ قيام مفسدة بطبيعة يتصوّر في مقام الثبوت على أقسام :
الأوّل : أن تكون قائمة بصرف وجود الطبيعة ، ولازم ذلك هو أنّ المنهي عنه صرف الوجود فحسب ، فلو عصى المكلف وأوجد الطبيعة في ضمن فردٍ مّا ، فلا يكون وجودها الثاني والثالث وهكذا منهياً عنه أصلاً.
الثاني : أن تكون قائمة بمجموع أفرادها على نحو العموم المجموعي ، فيكون المجموع محرّماً بحرمة واحدة شخصية ، ولازم ذلك هو أنّ المبغوض ارتكاب المجموع ، فلا أثر لارتكاب البعض.
الثالث : أن تكون قائمة بعنوان بسيط مسبب من تلك الأفراد في الخارج.
الرابع : أن تكون قائمة بكل واحد من أفرادها العرضية والطولية ، هذا كلّه بحسب مقام الثبوت.
وأمّا بحسب مقام الاثبات ، فلا شبهة في أنّ إرادة كل واحد من الأقسام الثلاثة الاولى تحتاج إلى نصب قرينة تدل عليها وعناية زائدة ، وأمّا إذا لم تكن قرينة في البين على أنّ المراد من النهي المتعلق بطبيعة النهي عن مجموع أفرادها بنحو العموم المجموعي أو عن صرف وجودها في الخارج أو عن عنوان بسيط متولد عنها ، كان المرتكز منه في أذهان العرف والعقلاء هو النهي عن جميع أفرادها بنحو العموم الاستغراقي ، وعليه فيكون كل فرد منها منهياً عنه باستقلاله مع قطع النظر عن الآخر.
وعلى الجملة : فلا إشكال في أنّ إرادة كل من الأقسام المزبورة تحتاج إلى