وأمّا إذا كان طلب أحدهما مترتباً على عدم الاتيان بالآخر وفي ظرف عدمه ، فلا يلزم التكليف بالمحال ، فانّ الازالة عند الاتيان بالصلاة وامتثال أمرها ليست بمطلوبة واقعاً ليلزم من ذلك طلب الجمع ، وعند تركها فهي وإن كانت مطلوبة إلاّ أنّ مطلوبيتها لمّا كانت مقيدة بترك الصلاة في الخارج وعدم العمل بمقتضى أمرها في كل آن ، فلا تنافي مطلوبية الصلاة ، ولا يلزم من تعلّق الأمرين بهما عندئذ طلب الجمع ، كيف وأنّ الأمر بالازالة حيث كان معلّقاً على تقدير عدم العمل بمقتضى أمر الصلاة من دون تعرّضه لحال هذا التقدير واقتضائه وضعه ، لما عرفت من أنّ الحكم لا يقتضي وجود موضوعه ، فلا يكون مانعاً عن فعلية مقتضى ـ بالفتح ـ الأمر بالصلاة الذي هو ناظر إلى ذلك التقدير ، ويقتضي هدمه.
إذن لا مانع من اجتماع الأمر بالأهم والأمر بالمهم في زمان واحد لعدم التنافي بينهما ، لا بالذات كما مرّ ، ولا باعتبار اقتضائهما ، لأنّ التنافي بينهما بهذا الاعتبار إنّما هو من جهة أنّ القدرة الواحدة لا تفي بهما معاً ، ومن الواضح أنّها إنّما لا تفي فيما إذا كان كلاهما مطلوباً في عرض واحد لا على النحو الترتب ، بمعنى أنّ المهم مطلوب في ظرف ترك الأهم ، إذ لا شبهة حينئذ في وفاء القدرة بهما على هذا النحو كما عرفت.
وقد تحصّل ممّا ذكرناه : أنّ فعلية تعلّق الأمرين بهما واجتماعهما في زمان واحد إنّما تستدعي طلب الجمع بينهما على أحد تقديرين لا ثالث لهما :
الأوّل : أن يكون الأمر بالمهم في عرض الأمر بالأهم وعلى وجه الاطلاق ، فعندئذ لا محالة يلزم طلب الجمع بينهما.
الثاني : أن يكون الأمر بالمهم في فرض تقييده بترك الأهم ناظراً إلى حال تركه ومقتضياً لوضعه وتحققه في الخارج ، فحينئذ يلزم طلب الجمع لفرض أنّ