بين الضدّين ، بين وجهة نظرنا في هاتين المسألتين ـ الواجب المعلّق والشرط المتأخر ـ وبين وجهة نظر شيخنا الاستاذ قدسسره فيهما أصلاً.
فالغرض من هذه الجهة دفع ما توهم من ابتناء القول بامكان الترتب على القول باستحالة الواجب المعلّق أو الشرط المتأخر.
الجهة الثالثة : لا إشكال في إطلاق الواجب بالاضافة إلى وجوده وعدمه ـ بمعنى تعلّق الطلب بالماهية المعراة عن الوجود والعدم ـ بداهة أنّ الطلب المتعلق بالفعل لا يعقل تقييد متعلقه بالوجود أو العدم ، إذ على الأوّل يلزم طلب الحاصل وعلى الثاني الخلف ، أو طلب الجمع بين النقيضين ، وكذا الحال في الطلب المتعلق بالترك ، فانّه لا يمكن تقييده بالترك المفروض تحققه ، لاستلزامه طلب الحاصل ولا تقييده بالوجود ، لأنّه خلف أو طلب الجمع بين النقيضين.
فالنتيجة : أنّ تقييد متعلق الأمر بوجوده في الخارج أو بعدمه محال ، فإذا استحال تقييده بالحصة المفروضة الوجود أو المفروضة العدم فلا محالة يكون متعلقه هو الجامع بينهما ، ولازم ذلك هو ثبوت الأمر في حال وجوده وحال عدمه وفي حال عصيانه وامتثاله. وهذا واضح لا كلام فيه ، وإنّما الكلام والاشكال في أنّ ثبوت الأمر في هذه الأحوال هل هو بالاطلاق أم لا؟
فعلى مسلك شيخنا الاستاذ قدسسره ليس بالاطلاق ، لما يراه قدسسره (١) من أنّ التقابل بين الاطلاق والتقييد من تقابل العدم والملكة ، فاستحالة أحدهما تستلزم استحالة الآخر ، وحيث إنّ التقييد في المقام محال كما عرفت فالاطلاق أيضاً محال ، إذن لا إطلاق لمتعلق الأمر بالاضافة إلى تقديري وجوده وعدمه ، لا بالاطلاق والتقييد اللحاظيين ، ولا بنتيجة الاطلاق أو
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٥٦.