للترتب ، كما يظهر ذلك من بعض موارد الكفاية (١).
لكن ذلك ليس مراد القائلين بالترتب أصلاً ، فان محذور طلب الجمع بين الضدّين على هذا الوجه باقٍ بحاله ، وذلك لأنّ المفروض أنّ الأمر بالأهم في الآن الثاني باق على فعليته من جهة فعلية موضوعه ، وهو قدرة المكلف على امتثاله ، بأن يرفع اليد عن المهم ويمتثل الأمر بالأهم ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : أنّ الأمر بالمهم أيضاً فعلي في ذلك الآن ، وليست فعليته مشروطة بعصيان الأمر بالأهم فيه ، لفرض أنّ شرطها ـ وهو عصيانه في الآن الأوّل ـ قد تحقق في الخارج ، ولم تتوقف فعليته في الآن الثاني والثالث وهكذا على استمرار عصيانه كذلك ، فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين : هي أنّ كلاً من الأمر بالأهم والأمر بالمهم فعلي في الآن الثاني وفي عرض الآخر. وعليه فيلزم محذور طلب الجمع بين الضدّين.
وأمّا إذا قلنا بأنّ شرط فعلية الأمر بالمهم عصيان الأمر بالأهم في جميع أزمنة امتثاله ، بمعنى أنّ فعليته تدور مدار عصيانه حدوثاً وبقاءً ، فلا يكفي عصيانه آناً ما لبقاء أمره إلى الجزء الأخير منه ، ففعلية الأمر بالصلاة مثلاً عند مزاحمتها بالازالة مشروطة ببقاء عصيان أمر الإزالة واستمراره إلى آخر أزمنة امتثال الصلاة ، وبانتفائه في أيّ وقت كان ينتفي الأمر بالصلاة ، ضرورة أنّ بقاء أمر المهم منوط ببقاء موضوعه ، والمفروض أنّ موضوعه هو عصيان الأمر بالأهم ، ولا بدّ من فرض بقائه إلى آخر أزمنة امتثال المهم في تعلّق الأمر به فعلاً ، فإنّ تعلّق الأمر به كذلك في أوّل أزمنة امتثاله منوط ببقاء عصيان الأمر بالأهم إلى الجزء الأخير من المهم ، فان هذا نتيجة تقييد إطلاق الأمر بالمهم
__________________
(١) لاحظ كفاية الاصول : ١٣٤ وما بعدها.