الثانية : أن يكون أحدهما موسعاً والآخر مضيقاً ، وذلك كصلاة الظهر مثلاً وإزالة النجاسة عن المسجد ، أو ما شاكل ذلك.
الثالثة : أن يكون كلاهما مضيقين ، وذلك كالازالة والصلاة في آخر وقتها ، بحيث لو اشتغل بالازالة لفاتته الصلاة.
أمّا الصورة الاولى : فلا شبهة في أنّها غير داخلة في كبرى باب التزاحم ، لتمكن المكلف من الجمع بينهما في مقام الامتثال من دون أيّة منافاة ومزاحمة ، ويكون الأمر في كل واحد منهما فعلياً بلا تنافٍ ، ومن هنا لم يقع إشكال في ذلك من أحد فيما نعلم.
وأمّا الصورة الثانية : فقد ذهب شيخنا الاستاذ قدسسره (١) إلى أنّها داخلة في مسألة التزاحم.
وغير خفي أنّ هذا منه قدسسره مبني على ما حققه في بحث التعبدي والتوصلي من أنّ التقابل بين الاطلاق والتقييد من تقابل العدم والملكة ، فكل مورد لا يكون قابلاً للتقييد لا يكون قابلاً للاطلاق ، فإذا كان التقييد مستحيلاً في موردٍ كان الاطلاق أيضاً مستحيلاً فيه ، لأنّ استحالة أحدهما تستلزم استحالة الآخر ، وبما أنّ فيما نحن فيه تقييد إطلاق الواجب الموسّع بخصوص الفرد المزاحم مستحيل ، فاطلاقه بالاضافة إليه أيضاً مستحيل.
ويترتب على ذلك وقوع المزاحمة بين إطلاق الواجب الموسّع وخطاب الواجب المضيّق ، فلا يمكن الجمع بينهما ، إذ على تقدير فعلية خطاب الواجب المضيّق يستحيل إطلاق الواجب الموسّع بالاضافة إلى الفرد المزاحم ، إذن لا بدّ إمّا أن ترفع اليد عن إطلاق الموسّع والتحفظ على فعلية خطاب المضيّق ، وإمّا
__________________
(١) لاحظ أجود التقريرات ٢ : ٢٣.