المقتضي له لا لأجل وجود المانع مع ثبوته ، وعلى هذا الأساس فلو أنكرنا الوجوب التعليقي وقلنا بعدم إمكان تقدّم زمان الوجوب على زمان الواجب لم يمكن إحراز ملاكه قبل وقته.
وبكلمة اخرى : أنّ التفصي عن الاشكال المتقدم وإن أمكن بحسب مقام الثبوت بأحد الوجوه السالفة ، إلاّ أنّ إثبات تلك الوجوه جميعاً بدليل مشكل جداً.
ودعوى أنّ الظاهر من قوله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً )(١) هو أنّ ملاك الحج تام في ظرفه بعد حصول الاستطاعة ، كما أنّ الظاهر من قوله تعالى : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )(٢) هو أنّ الصوم تام الملاك بعد دخول الشهر ، فهي وإن كانت صحيحة إلاّ أنّه من جهة ظهور الآية في فعلية الوجوب بعد الاستطاعة ، وكذا الآية الثانية ، ومن المعلوم أنّه يكشف عن وجود ملاك ملزم فيه في وقته ، وأمّا لو رفعنا اليد عن هذا الظهور وقلنا بعدم فعلية وجوبه بعدها فلم يكن لنا طريق إلى أنّ ملاكه تام في ظرفه ، فعندئذ كيف يمكن الحكم بوجوب مقدّماته قبل زمانه. فالنتيجة : أنّ الاشكال إنّما هو على ضوء نظرية القائلين باستحالة الواجب التعليقي والشرط المتأخر ، وأمّا على ضوء نظريتنا من إمكانه بل وقوعه خارجاً كما في أمثال هذين الموردين فلا إشكال من أصله.
__________________
(١) آل عمران ٣ : ٩٧.
(٢) البقرة ٢ : ١٨٥.