بالقرآن ، بل وكذا في سائر الآيات ، فيجوز إنشاء الحمد بقوله ( الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) ، وإنشاء المدح في ( الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ، وإنشاء طلب الهداية في ( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ، ) ولا ينافي قصد القرآنية مع ذلك.
______________________________________________________
ربّ العالمين ، ولا إنشاء الدعاء وطلب الهداية في قوله ( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) وهكذا ، للزوم استعمال اللفظ المشترك في معنيين ، فانّ قصد القرآنية يتقوّم باستعمال اللفظ في شخص الألفاظ التي نزل بها الروح الأمين على قلب سيد المرسلين صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إذ القرآن عبارة عن ذاك الفرد المعيّن النازل ، فقصده لا يتحقق إلاّ بالاستعمال في شخص ذاك الفرد من اللفظ ، فهو من باب استعمال اللفظ في اللفظ كما في قولك : زيد في ضرب زيد فاعل ، فانّ المستعمل فيه لكلمة زيد الأوّل هو لفظ زيد الواقع بعد ضرب ، ولم يستعمل في معناه ، وإلاّ فهو باعتباره مبتدأ لا فاعل ، وقصد الإنشاء بها يتقوّم بالاستعمال في نفس المعنى كما لا يخفى ، فيلزم الجمع بين استعمال اللفظ في المعنى واللفظ ، وهو ما عرفت من استعمال المشترك في معنيين.
ويندفع : بأنّ قصد القرآنية خارج عن باب الاستعمال رأساً ، وإنّما هو حكاية عن الطبيعي بإيجاد الفرد المماثل لما هو النازل.
وتوضيحه : أنّ قوام القرآن وما يترتب عليه من الفصاحة والبلاغة والإعجاز كغيره من قصيدة أو شعر أو نثر إنّما هو بطبيعي تلك الألفاظ المترتبة على هيئة معيّنة وشكل خاص. وأمّا شخص الفرد النازل أو الصادر من الشاعر أو الخطيب فلا دخالة له في صدق هذا العنوان بالضرورة. نعم ، النازل أو الصادر إنّما هو الفرد والشخص الخاص ، لامتناع وجود الطبيعي في الخارج إلاّ في ضمن فرد معيّن ، إلاّ أنّ المناط بالطبيعي الموجود في ضمنه ، وأمّا خصوصية الفرد الذي يوجد وينصرم فلا دخل لها في صدق القرآن أو الشعر ونحوهما قطعاً ، فلا