العلاقة بينه وبين تلك الجنبة. فهذه القوة العملية هى القوة التى لها لأجل العلاقة إلى الجنبة التى دونها وهو البدن وسياسته.
وأما القوة النظرية فهى القوة التى لها لأجل العلاقة إلى الجنبة التى فوقه لتنفعل وتستفيد منها وتقبل عنها. فكأنّ للنفس منا وجهين : وجه إلى البدن ، ويجب أن يكون هذا الوجه غير قابل ألبتة أثرا من جنس مقتضى طبيعة البدن ، ووجه إلى المبادئ العالية. ويجب أن يكون هذا الوجه دائم القبول عما هناك والتأثر منه. فمن الجهة السفلية تتولد الأخلاق ، ومن الجهة الفوقانية تتولد العلوم ، فهذه هى القوة العملية.
وأما القوة النظرية فهى قوة من شأنها أن تنطبع بالصور الكلية المجردة عن المادة ، فإن كانت مجردة بذاتها فأخذها بصورتها فى نفسها أسهل ، وإن لم تكن فإنّها تصير مجردة بتجريدها إياها ، حتى لا يبقى فيها عن علائق المادة شىء ، وسنوضح كيفية هذا من بعد.
وهذه القوة النظرية لها إلى هذه الصور نسب مختلفة ، وذلك لأن الشىء الذى من شأنه أن يقبل شيئا قد يكون بالقوة قابلا له وقد يكون بالفعل قابلا له.
والقوة تقال على ثلاثة معان ، بالتقديم والتأخير : فتقال قوة للاستعداد المطلق الذى لا يكون خرج منه بالفعل شىء ، ولا أيضا حصل ما به يخرج ، كقوة الطفل على الكتابة. وتقال قوة لهذا الاستعداد إذا كان لم يحصل للشىء إلا ما يمكنه به أن يتوصل إلى اكتساب الفعل بلاواسطة ، كقوة الصبى الذى ترعرع (١) وعرف الدواة والقلم وبسائط
__________________
(١) ترعرع الصبى : تحرك ونشأ ، وغايته ثلاثة عشر.