حريصا على أن يتكلم بأقوال مخيلة شعرية صوفية يقتصر منها لنفسه ولغيره على التخيل ، ويدلّ أهل التمييز على ذلك كتبه فى العقل والمعقولات وكتبه فى النفس.
نعم إن صور الأشياء تحلّ النفس (١) وتحليّها وتزيّنها ، وتكون النفس كالمكان لها بتوسط العقل الهيولانى ، ولو كانت النفس صورة شىء من الموجودات بالفعل ، والصورة هى الفعل ، وهى بذاتها فعل ، وليس فى ذات الصورة قوة قبول شىء ، إنما قوة القبول فى القابل للشىء ، وجب أن تكون النفس حينئذ (٢) لا قوة لها على قبول صورة أخرى وأمر آخر. وقد نراها تقبل صورة أخرى غير تلك الصورة ، فإن كان ذلك الغير أيضا لا يخالف هذه الصورة فهو من العجائب ، فيكون القبول واللاقبول واحدا (٣). وإن كان يخالفه ، فتكون النفس لا محالة إن كانت هى الصورة المعقولة قد صارت غير ذاتها ، وليس من هذا شىء ، بل النفس هى العاقلة.
والعقل إنما يعنى به قوتها بها تعقل ، أو يعنى به صور هذه المعقولات فى انفسها. ولأنها فى النفس تكون معقولة ، فلا يكون العقل والعاقل والمعقول شيئا واحدا فى أنفسنا ، نعم هذا فى شىء آخر يمكن أن يكون على ما سنلمحه فى موضعه (٤).
__________________
(١) تحلّ فى النفس ، نسخة.
(٢) فى تعليقة نسخة : اى حين صارت عين تلك الصورة.
(٣) فى تعليقة نسخة : اى لا يحصل من هذه الاقوال شىء بل يكون هذه تخيلات لا معنى لها او المراد ان ليس من الاول شىء باق بل الاول عدم وحدث شىء آخر.
(٤) فى تعليقة نسخة : اى لا يتحد العقل الهيولانى ايضا مع ما يحصل فيه.