ينفّرها عنه ،
والموافقة التى تدركها من صاحبها ، وبالجملة المعنى يؤنسها به. وهذه أمور تدركها
النفس الحيوانية ، والحسّ لا يدلّها على شىء منها. فإذن القوة التى بها تدرك ، قوة
أخرى ولتسمّ الوهم.
وأما التى تكون
محسوسة فإنا نرى مثلا شيئا أصفر فنحكم أنه عسل وحلو ، فإن هذا ليس يؤديه إليه
الحاس فى هذا الوقت ، وهو من جنس المحسوس ، على أن الحكم نفسه ليس بمحسوس ألبتة
وإن كانت أجزاؤه من جنس المحسوس ، وليس يدركه فى الحال ، إنما هو حكم نحكم به
وربّما غلط فيه وهو أيضا لتلك القوة.
وفى الإنسان للوهم
أحكام خاصة من جملتها حمله النفس على أن تمنع وجود أشياء لا تتخيل ولا
ترتسم فيه وتأبيّها التصديق بها. فهذه القوة لا محالة موجودة فينا ، وهى الرئيسة
الحاكمة فى الحيوان حكما ليس فصلا كالحكم العقلى ، ولكن حكما تخيليا مقرونا
بالجزئية وبالصورة الحسية ، وعنه تصدر أكثر الأفعال الحيوانية.
وقد جرت العادة
بأن يسمى مدرك الحس المشترك صورة ومدرك الوهم معنى ، ولكل واحد منهما خزانة.
فخزانة مدرك الحس
وهو الصورة هى القوة الخيالية ، وموضعها مقدم الدماغ ، فلذلك إذا حدثت هناك آفة فسد
هذا الباب من التصور ، إما بأن تتخيل صورا ليست أو تصعب استثبات الموجود فيها.
وخزانة مدرك
المعنى هو القوة التى تسمى الحافظة ، ومعدنها
__________________