يجد طعوما كثيرة فى الأجسام ، وأما الحركة والسكون والشكل فيكاد أن يدركه أيضا ولكن ضعيفا ، يستعين فى ذلك باللمس.
وأما الشم فيكاد لا يدرك به (١) العظم والشكل والحركة والسكون إدراكا متمثلا فى الشام ، بل يدرك به العدد بأن يتمثل فى الشام ، ولكن النفس تدرك ذلك بضرب من القياس أو الوهم بأن تعلم أن الذى انقطعت رائحته دفعة قد زال والذى تبقى رائحته هو ثابت.
وأما السمع فإن العظم لا يدركه ولكن السمع قد تدلّه النفس عليه دلالة غير مستمرة على الدوام ، وذلك من جهة أن الأصوات العظيمة قد ينسبها إلى أجسام عظيمة ، وكثيرا ما تكون من أشياء صغيرة وبالعكس. ولكن قد يدرك العدد ويدرك الحركة والسكون بما يعرض للصوت الممتد من ثبات أو اضمحلال يكون مصيره إلى ذلك الاختلاف فى تحدد مثل ذلك البعد. ولكن هذا الإدراك من جملة ما تدركه النفس للعادة التى عرفتها.
وقد يمكن أن يسمع الصوت عن الساكن على هيئة الصوت الذى يسمع عن المتحرك وعن المتحرك على هيئة الصوت الذى (٢) يسمع عن الساكن ، فلا تكون هذه الدلالة مركونا إليها ولا تجب وجوبا ، بل تكون فى أكثر الأمر. وأما الشكل فلا يدركه السمع إلا شكل الصوت لا شكل الجسم ، وأما الذى يسمع عن المجوّف فيوقف على تجويفه فهو شىء يعرض
__________________
(١) قال صدر المتألهين فى الاسفار ص ٤٩ ج ٤ ط ١ ـ ص ٢٠٤ ج ٨ ط ٢ : اما الشم فانه لا يدرك شيئا من ذلك الاّ العدد باعانة من العقل وهو ان يعلم ان الذى انقطعت رائحته غير الذى حصلت ثانيا.
(٢) اكثر النسخ : « على هيأة الذى » اى على هيأة الصوت الذى. وفى بعضها : « على هيأته التى ».