هو الذى يصير به النوع نوعا بالفعل كالشكل للسيف. والكمال الثانى هو أمر من الأمور التى تتبع وجود نوع الشىء من أفعاله وانفعالاته ، كالقطع للسيف ، وكالتمييز والرويّة والإحساس والحركة للإنسان. فإن هذه كمالات لا محالة للنوع ، لكن ليست أوّليّة ، فإنه ليس يحتاج النوع فى أن يصير هو ما هو بالفعل إلى حصول هذه الأشياء له بالفعل ، بل إذا حصل له مبدأ هذه الأشياء بالفعل حتى صار له هذه الأشياء بالقوة بعد ما لم تكن بالقوة إلا بقوة بعيدة تحتاج إلى أن يحصل قبلها شىء حتى تصير بالحقيقة بالقوة صار حينئذ الحيوان حيوانا بالفعل. فالنفس كمال أول.
ولأن الكمال كمال للشىء ، فالنفس كمال الشىء ، وهذا الشىء هو الجسم ، ويجب أن يؤخذ الجسم بالمعنى الجنسى (١) لا بالمعنى المادى (٢) ، كما علمت فى صناعة البرهان. وليس هذا الجسم الذى النفس كماله كل جسم ، فإنها ليست كمال الجسم الصناعى كالسرير والكرسى وغيرهما ، بل كمال الجسم الطبيعى. ولا كل جسم طبيعى ، فليست النفس كمال نار ولا أرض ولا هواء ، بل هى فى عالمنا كمال جسم طبيعى تصدر عنه كمالاته الثانية بآلات يستعين بها فى أفعال الحياة التى أولها التغذى والنمو. فالنفس التى نحدّها هى كمال أول لجسم طبيعى آلى له أن يفعل أفعال الحياة.
لكنه قد يتشكك فى هذا الموضوع بأشياء ، من ذلك أن لقائل أن يقول : إن هذا الحد لا يتناول النفس الفلكية فإنها تفعل بلا آلات. وإن تركتم ذكر الآلات واقتصرتم على ذكر الحياة لم يغنكم ذلك شيئا ، فإن
__________________
(١) اى لا بشرط.
(٢) اى بشرط لا.