ويمكن أن يؤكّد هذا القول بأن الشىء الذى اعتيد أن يرى من بعد مّا على قدر مّا فإذا تخيل أبعد من حيث هو ولم ير قدره القدر الذى يخيّله ذلك البعد ، بل أعظم منه لأنه بالحقيقة قريب رؤى له مقدار أعظم من المقدار الذى يستحقه ببعده فيتخيّل أعظم من المعهود.
ثم فى هذا فضل نظر يحتاج أن يفطن له المتحقق للأصول ، ويكون بحيث لا يخفى عليه كيف ينبغى أن يكون الحق فى ذلك.
ثم هذه الشبهة ليست مما تخص بلزومها إحدى الفرقتين دون الأخرى فإن الانكسار الذى يقوله أصحاب الانكسار إن كان للصك فلم بقى على حاله ولم لا يرجع كرّة أخرى فيستوى ، إذ طبيعة الشعاع أن ينفذ على الاستقامة. فإن كان هذا مستحيلا فى الشعاع النافذ إليه إذا لاقاه ثم ازداد الشىء غورا فلم يعرض له أن يزداد لغوره انكسارا ولم لا يزداد بامتداده انتظاما ، فإن القياس يوجب أن يحدث له بالامتداد اتصال لا ينبسط.
وبالجملة فنعم ما قال المعلم الأول حين قال : لأن يمتد المبصر من سعة إلى ضيق فيجتمع فيه يكون ذلك فيه أعون على تحقيق صورته (١) من أن يخرج الرائى من العين منتشرا فى السعة.
ومما يتصل بهذا الموضع حال ما نقوله من أوضاع المرئى والرائى والضوء والمرآة ، فنقول :
قد يعرض أن يكون المرئى والمضىء والرائى فى شفّاف واحد وقد يعرض أن يكون المضىء والمرئى فى شفّافات بينها سطوح.
__________________
(١) فى تعليقة نسخة : يعنى اذا نفذ فى الماء لزم ان يمتد منتظما بل انتظامه فى الضيق اولى من انتظامه حيث انتشاره فى سعة العالم كذا فى التلخيص.