وهذا القسم يبطل بمرآتين توضعان متقابلتين ، فإن الأشعة لا تفترق فيهما (١) من هذه الجهة ، بل كل شعوب شعاع فهو واقع على الاثنين جميعا. ومع ذلك فإن البصر يرى كل مرآة وشبحها دفعة. والشعاعان هاهنا لا يفترقان ، ولا يجوز (٢) أن يؤدّى شعاع شبحا والآخر غير ذلك الشبح ، فإن كل واحد منهما أدرك ما أدرك الآخر والمدرك واحد فيجب أن لا يكون الإدراك والأداء اثنين ، بل يجب أن يأتى البصر صورة كل مرآة مرة غير مكررة. وإن تكررت بسبب العكس (٣) وكان لذلك وجه وعذر
__________________
(١) اى لا تفترق فى الادراك والتأدية. وفى نسخة : لا تفترق بينهما.
(٢) فلا يجوز ان يؤدى ، كما فى عدة نسخ.
(٣) قال الرازى فى المباحث المشرقية ج ٢ ص ٣٢٤ : « فان قيل اذا اتصل بالمرآتين شعاعان على الاستقامة وجب ان ترى ذات كل واحد منهما ثم انه ينعكس الشعاع من كل واحدة الى الاخرى فيجب ان نرى شبح كل واحدة منهما فى الاخرى. فنقول وان سلّمنا ما ذكر تموه لكنه يبقى الاشكال من وجوه اربعة :
الاول ما السبب فى ان كل واحدة من المرآتين تتأدّى عنها اشباح كثيرة حتى نرى مرارا كثيرة فانه اذا انعكس الشعاع عن مرآة « ا » الى مراة « ب ».
رأينا « ب » فى « ا ». ثم اذا انعكس من « ب » الى « ا » رأينا « ا » فى « ب » ثم اذا انعكس مرة اخرى من « ا » الى « ب » رأينا « ب » فى « ا » مرة اخرى فحينئذ قد راينا شبح « ب » مرتين وكان يجب ان يمتنع ذلك لان الشعاع اتصل به فى المرآتين على وجه واحد وهو الانعكاس.
والثانى ما بال المرآتين يرى شبح كل واحدة منهما مرارا كثيرة كل مرة اصغر مما قبلها وما السبب لذلك التصغر فان قالوا الشعاع اذا تردد طالت مسافته فيستدقّ وكلما ازداد التردد ازداد الاستدقاق فازداد صغر المرئى فنقول ذلك باطل من وجوه ثلاثة :
اما الاول فان كل ما ذكر تموه يقتضى ان تكون تلك الخطوط الشعاعية اذا تراكمت ان لا تصير