منسوبة إلى خاصية أو طبيعة ، منطوق بها أو غير منطوق بها. وبعد ذلك فإنا نظن أن الهواء إذا كان شفافا بالفعل وكانت الألوان ألوانا بالفعل وكان البصر سليما ، لم يحتج إلى وجود شىء آخر فى حصول الإبصار.
ولنضع الآن أن الخارج جوهر جسمانى شعاعى كما يميل إليه الأكثر منهم فنقول : حينئذ إن أحواله لا تخلو عن أربعة أقسام :
إما أن يكون متصلا بكل المبصر وغير منفصل عن المبصر.
وإما أن يكون متصلا بكل المبصر ومنفصلا عن المبصر.
وأما أن يكون متصلا ببعض المبصر دون بعض كيف كان (١) حاله مع المبصر.
وإما أن يكون خارجا عن المبصر وغيره متصل بالمبصر.
فأما القسم الأول فإنه محال جدا ، أعنى أن يخرج من البصر جسم متصل يملأ نصف العالم ويلاقى الأجسام السماوية ، ثم كما يطبق الجفن يعود إليه ، ثم يفتح فيخرج آخر مثله ، أو كما يطبق تعود الجملة إليه ، ثم كما يفتح مرة أخرى تخرج عنها (٢) ، حتى كأنها واقفة على نية المغمض.
ثم كيف لا يرى الشىء البعيد بشكله وعظمه إن كانت الرؤية بوصوله إليه وملامسته إياه. فإن العظم أولى بأن يدرك بالملامسة بتمامه من اللون ، لأن الشعاع ربما يفرّق ويهلهل (٣) فرؤى اللون كما يرى الخلط من اللون ، وأما القدر فرآه حينئذ كما يرى الخلط من المقدار والخلط من المقدار الجسمانى ، وإن كان متخلخلا كأنه مركب من مقدار جسمانى ومن
__________________
(١) اى سواء كان منفصلا عنه ام لا فهذا قسمان.
(٢) تخرج عنه ـ ظ ـ اى تخرج الجملة عن الجفن.
(٣) هلهل كجعفر جامه تنك بافته وموى تنك نرم وشعر رقيق ، معرّب است.