هو نوع وليس لكل نوع فصل بسيط (١) ، قد علمت هذا ، بل إنما هو للأنواع المركبة الذوات من مادة وصورة ، والصورة منها هو الفصل البسيط لما هو كماله.
ثم كل صورة كمال (٢) ، وليس كل كمال صورة ، فإن الملك كمال المدينة ، والربّان كمال السفينة ، وليسا بصورتين للمدينة والسفينة ، فما كان من الكمال مفارق الذات لم يكن بالحقيقة صورة للمادة وفى المادة. فإن الصورة التى هى فى المادة هى الصورة المنطبعة فيها القائمة بها ، اللهم إلا أن يصطلح فيقال لكمال النوع صورة النوع. وبالحقيقة فإنه قد استقر الاصطلاح على أن يكون الشىء بالقياس إلى المادة صورة ، وبالقياس إلى الجملة غاية وكمالا ، وبالقياس إلى التحريك مبدأ فاعليا وقوة محركة.
وإذا كان الأمر كذلك فالصورة تقتضى نسبة إلى شىء بعيد من ذات الجوهر (٣) الحاصل منها ، وإلى شىء (٤) يكون الجوهر الحاصل هو ما
__________________
(١) قوله : « وليس لكل نوع فصل بسيط » الفصل البسيط هو الفصل الاشتقاقى المنطقى وفى تعليقة نسخة من الشفاء فى المقام ما افاد من قوله : « فيه دلالة على انّ ما له فصل عقلى فله صورة خارجية ، وان الجنس والفصل يكونان للمركبات الخارجية من المادة والصورة وقد صرّح بهذا فى عدّة مواضع من كتاب التعليقات » انتهى كلام ذلك المحشى.
(٢) قوله ـ قدسسره ـ : « ثم كل صورة كمال » اقول هذا شروع فى بيان امرين الاول منهما بيان ترجيح الكمال على الصورة فى تعريف النفس. والثانى منهما بيان ترجيح الكمال على القوة فى ذلك التعريف. وهذا يبيّن فى قوله الآتى : « وايضا إذا قلنا انّ النفس كمال فهو اولى من ان نقول قوة ».
(٣) اى النوع.
(٤) اى المادة.