ولا ينفذ فيه الضوء إلى السطح فتبقى مظلمة. ومنهم من جعل السواد لونا بالحقيقة وأصل الألوان. قال : ولذلك لا ينسلخ ، وأما البياض فعارض للمشف بتراكمه ولذلك يمكن أن يصبغ. ولا يبعد أن يكون المذهب الأول فى السواد يؤدى إلى هذا المذهب أيضا ، إذ جعل السواد حقيقة ما لا يشف من جهة ما لا يشف وهو حقيقة اللون المنعكس عنه.
وقال قوم : إن الأسطقسات كلها مشفة ، وإنها إذا تركبت حدث منها البياض على الصفة المذكورة ، وبأن يكون مايلى البصر سطوحا مسطحة من المشف فينفذ فيها البصر ، وأن السواد يعرض إذا كان مايلى البصر من الجسم زوايا تمنع الإشفاف للأطراف التى تقع فيها فهى وإن أضاءت (١) فبما لا ينفذ فيها الضوء نفوذا جيدا فتظلم.
والذى يصعب من هذه الجملة فصل القول فيه تولد البياض من الضوء ، وكون السواد لونا حقيقيا. فإنا نعرف أن المشفات تبيضّ عند السحق والخلط بالهواء ، وكذلك اللخالخ (٢) ، والناطف (٣) يبيض لاجتماع احتقان الهواء فيه مع الإشفاف الذى فى طبعه ، ونعلم أن السواد لا يقبل لونا ألبتة كما يقبل البياض ، فكأن البياض لإشفافه موضوع ومعرى مستعد ، والمعرى عن الكيفيات قابل لها من غير حاجة إلى إزالة شىء ،
__________________
(١) اضائه : روشن شدن وروشن كردن. لازم متعد. ( منتهى الارب ) فما لا ينفذ فيها الضوء نفوذا جيدا يظلم ـ نسخة.
(٢) لخلخه : كف صابون وچوبه كه از دست زدن بهم رسد. وفى بحر الجواهر للهروى :
الخلخة بالفتح هى اشياء مركبة يشم بها. وقيل ظرف يصبّ فيه من مياه الخلاف والوردة والكزبرة وامثال ذلك.
(٣) الناطف هو الذى يقال له بالفارسية « قبيده » حلوائى است معروف.